دقت ساعة الحسم في الصحراء

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

نعم، دقت ساعة الحسم في الصحراء ، و لم يعد السكوت أو التمويه أو التغاضي عنما يسود في أقاليم الجنوب بدعوى المصلحة الوطنية العليا ؟ لا ؟ فما حدث في العيون منذ نصب الخيام إلى التدخل الأمني يستدعي من الجميع المجاهرة بالحق و الحقيقة والبوح بما يختلج ذواتنا و ضمائرنا .
إن نفوذ مخابرات شرذمة العسكر الجزائري بالصحراء أصبح واقعا مفروضا ، وباتالتفوق الإستخباراتي الجزائري ، مع الأسف ، يبسط على أرضنا خططه و منهجيته كما شاء و وقتما شاء ، كاشفا للعيان محدودية الضبط الإستخباراتي الوطني ونقائصه التي لا تغتفر .
فأين كانت السلطات المحلية في مختلف تمثلاتها قبل نصب الخيام ؟ أين مصالح الشؤون العامة و الخاصة و الأجهزة الموازية من ذلك ؟ بل و أين شيوخ القبائل و الأعيان الذين يدعون تأطيرهم و إشرافهم و استيعابهم للمنتسبين للقبيلة و لكافة فروعها ؟ لقد أثبت ما وقع أن ثمة خللا جوهريا في الرصد والترصد و المتابعة و تلقف المعلومة الإستباقية ، كما أثبت ذلك انقطاع وتلاشي حبل التواصل و التفاعل بين ممثلي القبائل و منتسبيها – حتى لا نقول شيئا آخر - ، ما دام هؤلاء الشيوخ و الأعيان لم يقدروا حتى على ضبط تحركات أوفيائهم و لم يبرز ما يفيد قدرتهم على حل المشكل رغم ما يروجونه ويرددونه من تمثيليتهم للقبائل و امتداداتها ، أم أن هذه الاحتجاجات كانت ضدهم في حقيقة الأمر ؟
بالفعل، فقراءة بسيطة لخلفيات هذه الاحتجاجات و مغزاها تدل على أن المسببين الأوائل للمشكل هم أعيان الصحراء و ممثلوهم بالدرجة الأولى . أليس هم المستفيدون دوما و أبدا من الإمتيازات ؟ أليس هم من يتولى المسؤوليات والمهام محليا و جهويا ؟ أليس هم من يدعي المشيخة و التمثيلية للقبيلة وجذوعها ؟ أليس هم من كانوا يفاوضون سابقا السلطات باسم القبيلة لإخماد أي حركة احتجاجية و ضبط سياقاتها؟ أليس هم من يمسك بالخيوط الإجتماعية المحلية من سكن و تمويل و تموين و تجارة و اقتصاد وثروة برية وبحرية ؟
إن هذه الاحتجاجات هي صوت الصحراوي ضد سلطة الصحراوي ، وهذا نموذج حي عندما يعتلي بعض الصحراويين كراسي السلطة ، حيث تنتفي الشعارات والمبادئ ، وتبدأ الإنتهازية و المصلحة الخاصة القبلية تجسيدا لمثل صحراوي يتداول خفية بيننا " بعدما يتكلم الفم ، الصحراوي عدو ابن العم " ، أي أن الصحراوي لمايتغنى و يردد مشاعر الأخوة و المحبة التي " تسود" بين الصحراويين ، فذلك لا يتجاوز حدود الفم ، أما في الواقع المعاش فالصحراوي لا يريد الخيرلأخيه وابن عمه الصحراوي . هذه مع الأسف هي الحالة التي وصلنا إليها نحن الصحراويون بسبب تسلط و انتهازية و غباوة بعضنا ، الذي يجري و يركض وينقلب أينما تراءت له فريسة أو غنيمة . و هذا ما يدعو إلى التفكير العاجل للبدء في تصريف مشروع الحكم الذاتي حتى يتواجه بشكل رسمي و صريح و معلن الصحراويون فيما بينهم ، سلطة و مواطنين ، حاكمين و محكومين جهويا ، إثرذلك سيتبين الملتبس و تنكشف الوقائع ، و عند توضيح الواضحات ستبرز المفضحات !
لم يثبت في أي دولة في العالم أن تساهلت سلطة ما في ما سمحت به السلطات المغربية . فأن تعمد أسر و مجموعات عائلية وسلالات على تشكيل مخيم كبيرمثل الذي جرى نصبه ، و قبول الإدارة الضمني له و اعتباره " مخيما" بالفعل و توصيفه بالإسم ، ودخولها في مفاوضات لتلبية المطالب المطروحة ، و الشروع في الإستجابة إليها ، رغم الطابع المبالغ لها كما و كيفا ( حيث وزعت البقع و بطاقات الإنعاش و مناصب الشغل كما توزع الحلوى في العيد )، و توجه مسؤولين سامين في الإدارة المركزية الترابية لمجالسة ممثلي المحتجين ، وإبداء فائض من المرونة و الليونة و ضبط النفس في التعامل مع الإستفزازات والإبتزازات و المساومات ... كل ذلك لم يؤخذ في الإعتبار و لم يقدر حق تقديره . حسنا !
تم الوعد و العزم و الإلتزام على حل المشاكل الإجتماعية التي كانت سببا في هذا الشكل المثير من الإحتجاج ، هنا نجحت السلطة في فرز المحتجين و تبيان حقيقة بعضهم البعض ، بين من يحتج صراحة و عن حسن نية عن تردي وضعها لإجتماعي ، و بين محتج مأجور من الجزائر لإحداث الفتنة و البلبلة في جهةالصحراء لحاجة في نفس عبدي العزيز ( عبد العزيز بوتفليقة و عبد العزيزالمراكشي).
لقد شاهدنا و شاهد معنا العالم كيف منع إرهابيون و مرتزقة العائلات و قاطني المخيم من مغادرة الموقع بعد نداءات القوات الأمنية على خلفية الإنتهاء من معالجة الموضوع ، و رأينا هؤلاء الملثمين المجرمين كيف هم مسلحون يشهرون سيوفهم و خناجرهم و الزجاجات الحارقة ، هؤلاء الملثمون عدد كبير منهم دخلوا " عائدين" ملثمين في الآونة الأخيرة ، و لم يكونوا ينزعون لثامهم حتى عندما قدمهم التلفزيون المغربي كعائدين للتو من مخيمات تندوف ، ولاحتى في تنقلاتهم في مدينة العيون و خلال ركونهم المريب في المقاهي والأزقة و الدروب !
مقتل عناصر من الأمن خلال التدخل السلمي لفك الإعتصام ، و لطريقة التي سقط بهاالضحايا تكشف همجية وسعار الإرهابيين الأوباش ، حيث عاينا كيف تم تهشيم وجه و جمجمة رجل أمن في منظر بشع ومؤثر لا يصدر إلا عن وحوش مفترسة تتنفس الغبار في أدغال الصحراء و تقتات من الرمال و فضلات الجمال .
هلالإعلان عن سقوط ضحايا من عناصر الأمن مقابل عدم سقوط ضحايا من المحتجين مظهر من مظاهر الديمقراطية؟ هل تمكين مجموعة من المشاغبين من رموز الغدر والعمالة لأولياء نعمتهم في الجزائر التي أغدقت عليهم المال و الجمال لتثبيت المخيم على أمل الترويج له كمرادف لمخيمات العار في تندوف ، هل تمكينهم من التصرف و التحرك فترة من الزمن مظهر من مظاهر حرية الرأي والتعبير ؟ هل ضبط النفس طيلة هذه المدة و التمادي في الدعوة السلمية واللطيفة للمخلين بالأمن و النظام العام للعودة إلى جادة الصواب سيكسب بلادنا المصداقية و شهادة حسن السلوك لدى المنظمات الحقوقية الدولية ؟
أقولها، وعلى مسؤوليتي ، تبا للديمقراطية التي تعطي الإعتبار للخارجين على القانون على حساب القانون نفسه ، و لعنا لحرية الرأي و التعبير التي تسقط ضحايا أبرياء في صفوف عناصر الأمن التي تخلت عن أسلحتها رفقا بالمحتجين وبكل ما كان من شأنه أن يوتر الأجواء ؟ ماذا ننتظر أكثر من الذي وقع ، أنيفرض هؤلاء المراهقون المغرر بهم حظرا للتجوال بمدينة العيون؟ أن يمارسواهمجيتهم و وحشيتهم على النساء و الأطفال و الشيوخ؟ أن يعربدوا صباح مساء ليهشموا جماجمنا ويقطعوا رؤوسنا و يرموننا بالحجارة و ما ملكت أيديهم؟
إن الحرية التزام ، سواء في الجنوب أو الشمال ، في الشرق كما الغرب ، و لا يمكن بتاتا القبول بأن تتحول هذه الحرية إلى فوضى و سيبة و عصيان كما فعل قطاع طرق صحراويون وجدوا في صحرائهم ما لا يحلمون به من أمن و أمان وعزة وكرامة ، ولم يكونوا لينطقوا ببنت شفا في المخيمات حيث القمع و القحط و التسلط و الحصار الشامل .
فماأحوجنا ، في المغرب ، و في الصحراء بالضبط ، إلى نظام بوليسي صارم و حازم، لا يتساهل مع أي حركة أو سلوك أو تصرف خارج عن القانون كيفما كان ، يشرف على التطبيق الصحيح و التام لمقتضيات القانون بما يضمن لنا ، نحن الصحراوين ، الإستقرار و الطمأنينة اللتان طالما افتقدتهما شعوب و قبائل ،فعمت أرجاءها و صفوفها الفتنة و الفوضى و الإضطرابات ... في سبيل الهدوء والأمن ، مستعدون للتضحية والتنازل لأجل الإستفادة و الإستمتاع بهما ،فبدونهما لا تستقيم الحياة و لا يهدأ البال ولا يحلو الحال .
لقد دقت ساعة الحقيقة في الصحراء ، و لم يعد هناك مجال للخلط و التساهل بين من هو وطني مغربي و من هو خائن وعدو مأجور . فمثل ما الوطن غفور رحيم ، كذلك يجب أن يكون شديد العقاب ضد كل من سولت له نفسه اللعب على وتر الوحدة والإستقرار .
إننا كمغاربة صحراويين نشد على أيدي الأمن بمختلف تشكيلاته ، مثلما نضع أيدينا على قلوبنا للقادم من الأيام في صحرائنا العزيزة ، الصحراء التي لا تقبل المشاعر الحرباء و لا ترحب بالعملاء الغرباء.. و نحن متأهبون للدفاع عن الوطن وسحق المتآمرين عليه ، ودرء عنه الأقراح و لو بحمل السلاح !