مــنــتــديــات مــغــربــيــة
أهلا و سهلا بكم بمنتدى مغربي

اهلا بكم في جبال الأطلس الشامخة وبحر البغاز والشمس المشرقة

وكرم الضيافة
مــنــتــديــات مــغــربــيــة
أهلا و سهلا بكم بمنتدى مغربي

اهلا بكم في جبال الأطلس الشامخة وبحر البغاز والشمس المشرقة

وكرم الضيافة
مــنــتــديــات مــغــربــيــة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مــنــتــديــات مــغــربــيــة

المنتدى به كل ما يهم المرأة و الرجل من وصفات ناجحة 100 % به أقسام جديدة اخبار دولية و محلية ليس كاروتين الذي بالمنتديات الاخرى به اقسام للرجل و الطفل و الأم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
أطلق لقلمك العنان فأنت الفارس و الربان عبر عن نفسك فهناك من يسمعك أكتب ولو طال الزمان فلسوف يأتي قارئ لا تخشى أن تمحى الخطوط فالخطوط مرفئ شرطنا الوحيد أن تكون مشاركتك من وحي أقلام منتديات مغربية
المواضيع الأخيرة
» برنامج حسابات
أركان الحج أربعة Emptyالخميس أغسطس 20, 2020 1:12 pm من طرف لمياء حمود

» تصميم مواقع
أركان الحج أربعة Emptyالأربعاء أغسطس 19, 2020 8:59 am من طرف لمياء حمود

» تصميم مواقع
أركان الحج أربعة Emptyالإثنين أغسطس 17, 2020 10:21 am من طرف لمياء حمود

» برنامج حسابات
أركان الحج أربعة Emptyالأحد أغسطس 16, 2020 8:52 am من طرف لمياء حمود

» برنامج حسابات
أركان الحج أربعة Emptyالسبت أغسطس 15, 2020 11:32 am من طرف لمياء حمود

» برنامج حسابات
أركان الحج أربعة Emptyالخميس يوليو 23, 2020 8:49 am من طرف لمياء حمود

» برنامج محاسبة
أركان الحج أربعة Emptyالخميس يوليو 16, 2020 8:48 am من طرف لمياء حمود

» برنامج حسابات
أركان الحج أربعة Emptyالسبت يوليو 11, 2020 8:47 am من طرف لمياء حمود

» برنامج محاسبة
أركان الحج أربعة Emptyالخميس يوليو 09, 2020 8:36 am من طرف لمياء حمود

» برنامج محاسبة
أركان الحج أربعة Emptyالأربعاء يوليو 08, 2020 11:08 am من طرف لمياء حمود

» برنامج حسابات
أركان الحج أربعة Emptyالإثنين يوليو 06, 2020 12:29 pm من طرف لمياء حمود

» برنامج محاسبة
أركان الحج أربعة Emptyالسبت يوليو 04, 2020 8:31 am من طرف لمياء حمود

» برنامج محاسبة
أركان الحج أربعة Emptyالخميس يوليو 02, 2020 11:32 am من طرف لمياء حمود

» برنامج محاسبة
أركان الحج أربعة Emptyالأربعاء يوليو 01, 2020 11:18 am من طرف لمياء حمود

» برنامج محاسبة
أركان الحج أربعة Emptyالإثنين يونيو 29, 2020 8:43 am من طرف لمياء حمود

» برنامج محاسبة
أركان الحج أربعة Emptyالسبت يونيو 27, 2020 9:32 am من طرف لمياء حمود

» برنامج محاسبة
أركان الحج أربعة Emptyالخميس يونيو 25, 2020 10:06 am من طرف لمياء حمود

» برنامج حسابات
أركان الحج أربعة Emptyالأربعاء يونيو 24, 2020 11:13 am من طرف لمياء حمود

» برنامج حسابات
أركان الحج أربعة Emptyالإثنين يونيو 22, 2020 9:14 am من طرف لمياء حمود

» برنامج حسابات
أركان الحج أربعة Emptyالأحد يونيو 21, 2020 9:42 am من طرف لمياء حمود

» إعلان هام ... طلب مشرفين ومشرفات لمنتديات مغربية
أركان الحج أربعة Emptyالسبت يونيو 06, 2020 7:38 am من طرف driss78

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 2 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 2 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 54 بتاريخ الأحد فبراير 13, 2011 6:15 pm
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأكثر نشاطاً
تفسير القرآن الكريم سورة البقرة
وصفات مغربية مصورة من القناة التانية
الموسوعه العلميه للحمل والولاده
الفقه الإسلامي
حقيقة الدنيا
الأربعين النووية
بيدي وكوزينتي شلاضة بشكل جدييد+ مايونييز
الــســيــرة الــنــبــويــة
أعــمــال الــحــج
تربيَة الطفل في الإسْلام
المواضيع الأكثر شعبية
فضائح جنسية غريبة لأثرياء الخليج بالمغرب
موضوع عن الجريمة
موضوع عن السجن
موضوع شامل على الحيوانات
الموسوعه العلميه للحمل والولاده
موضوع متكامل عن أمراض القلب و الجهاز الدوري
بالصور طريقة عمل الفطائر المحلاه
شعر الأصمعي الذي قتل العاشق
تفاصيل المشاجرة بين علاء وجمال مبارك
قـبـائـل بـدائـيـة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
غــــريــــب
أركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Empty 
لمياء حمود
أركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Empty 
simo
أركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Empty 
سارة
أركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Empty 
faridgamal
أركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Empty 
حسين السيد
أركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Empty 
kadimsadi
أركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Empty 
monatibou
أركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Empty 
salma198
أركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Empty 
لهفة عمر
أركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Emptyأركان الحج أربعة Empty 
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




 

 أركان الحج أربعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
غــــريــــب
الــمــديــر الــعــام
غــــريــــب


عدد المساهمات : 2566
نقاط : 7147
تاريخ التسجيل : 01/10/2010
الموقع : الــمــغــرب

أركان الحج أربعة Empty
مُساهمةموضوع: أركان الحج أربعة   أركان الحج أربعة Emptyالأربعاء أكتوبر 27, 2010 3:24 pm

الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة العظيمة قال تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} 1 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)) 2 ، وقد فرضه الله على القادرين مرة في العمر لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الحج مرة فمن زاد فهو تطوع)) 3 ، وجعل للمسلمين فيه منافع دينية ودنيوية كثيرة, لذا كان الاستعداد له بكل ما يلزم مما ينبغي على المسلم قبل الشروع فيه؛ ومن ذلك معرفة صفته, وكيفية القيام به على أكمل وجه حتى يؤدي مناسكه كما أحب الله وأراد, ويرجع من حجه قد نال مرامه.

والحج في اللغة هو: "القصد، وفي الشرع: التعبد لله عز وجل بأداء المناسك على ما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول بعض الفقهاء في تعريفه: قصد مكة لعمل مخصوص؛ لا شك أنه قاصر؛ لأن الحج أخص مما قالوا؛ لأننا لو أخذنا بظاهره لشمل من قصد مكة للتجارة مثلاً، ولكن الأولى أن نذكر في كل تعريف للعبادة: التعبد لله عز وجل" 4 .

وأركان الحج أربعة: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي. وهذا قول المالكية والحنابلة وهو الراجح عند جمهور العلماء لثبوت الأدلة في ذلك.

وعند الشافعية خمسة أركان: الإحرام، والوقوف بعرفة، والطواف والسعي، والحلق أو التقصير.

وللحج عند الحنفية ركنان فقط هما: الوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة.



وقد جاء في مختصر كتاب المناسك من الشرح الممتع لابن عثيمين: "أركان الحج:

1- الإحرام: وهو نية الدخول في النسك، والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) 5 .

2- الوقوف بعرفة: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الحج عرفة)) 6 ، ولقوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} (سورة البقرة:198)، فدل على أنه لا بد منه.

3- طواف الزيارة (الإفاضة): ودليله قوله تعالى :{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (سورة الحج:29).

4- السعي: والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ((اسعوا، فإن الله كتب عليكم السعي)) 7 ، وقوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ} (سورة البقرة:158)، وقول عائشة رضي الله عنه: "والله ما أتم الله حج الرجل ولا عمرته إن لم يطف بهما" 8 " 9 .

وعندما ذكر الحلق والتقصير ذكر الآية: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} سورة الفتح (27)، ثم قال: "قال بعض العلماء: وإذا عبر بجزء من العبادة عن العبادة كان دليلاً على وجوبه فيها" 10 ، فلا تفيد الآية ركنية الحلق أو التقصير بل تفيد الوجوب فقط.
والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.





1 سورة آل عمران (97).


2 البخاري برقم (7) بلفظه، ومسلم برقم (21).


3 رواه أحمد برقم (2510)، وصححه الأرناؤوط في التعليق على المسند (1/290).


4 شرح اللممتع على زاد المستقنع (7/5-6).


5 البخاري برقم (1) بلفظه، ومسلم برقم (3530).


6 رواه الترمذي برقم (814)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (2/113).


7 رواه أحمد برقم (26101)، وقال شعيب الأرناؤوط : حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال موسى بن عبيد فلم يرو عنه سوى اثنين، انظر مسند أحمد بن حنبل (6/437).


8 البخاري برقم (1665)، ومسلم برقم (2239).


9 مختصر كتاب المناسك من الشرح الممتع (1/44).


10 مختصر كتاب المناسك من الشرح الممتع (1/46).


عدل سابقا من قبل غــــريــــب في الإثنين نوفمبر 01, 2010 8:25 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://pontera.yoo7.com
غــــريــــب
الــمــديــر الــعــام
غــــريــــب


عدد المساهمات : 2566
نقاط : 7147
تاريخ التسجيل : 01/10/2010
الموقع : الــمــغــرب

أركان الحج أربعة Empty
مُساهمةموضوع: الركن الأول ( الإحرام )   أركان الحج أربعة Emptyالأربعاء أكتوبر 27, 2010 3:27 pm

الإحرام: هو نية الدخول في أحد النسكين (الحج أو العمرة) بعد التهيؤ للإحرام، والتجرد من المخيط.

وواجبات الإحرام ثلاثة وهي:

1- الإحرام من الميقات: وهو المكان الذي حدده الشارع للإحرام بحيث لا يجوز تعديه بدون إحرام لمن كان يريد الحج أو العمرة.

2- التجرد من المخيط للرجال: فلا يلبس الرجل ثوباً، ولا قميصاً، ولا برنساً (غطاء الرأس المتصل بالثوب)، ولا يعتم بعمامة, ولا يغطي رأسه بشيء، كما لا يلبس خفاً إلا أن لا يجد نعلاً.

والمرأة تلبس في إحرامها ما تشاء من الثياب الساترة المحتشمة ، غير متبرجة بزينة ولا متشبهة بالرجال ، ولا تلبس القفاز ولا البرقع ولا تتلثم ، فإذا كانت بحضرة الرجال الأجانب تسدل غطاء وجهها.

3- عقد النية والتلبية : فينوي بقلبه النسك الذي يريده من تمتع أو قران أو إفراد ثم يلبي به ، فهذا هو الإحرام وليس مجرد لبس ملابس الإحرام كما يظن البعض ، ويتلفظ بالتلبية بقوله : " لبيك اللهم عمرة " إن كان متمتعاً ، أو " لبيك اللهم حجاً " إن كان مفرداً ، أو " لبيك اللهم عمرة وحجا " إن كان قارناً،. ويقول كما كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك". رواه البخاري ومسلم.

والتلبية سنة في الإحرام عند الشافعي وأحمد، لا يجب بتركها شيء.

وركن عند أبي حنيفة والظاهرية، لا ينعقد الإحرام بدونها كالتكبير للصلاة.

وواجب عند الإمام مالك. يجب بتركها دم. 1

وقد رجح الوجوب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهي رواية عند الإمام أحمد. قال في الإنصاف: الإحرام هو نية النسك وهي كافية على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب، وذكر أبو الخطاب في الانتصار رواية : أن نية النسك كافية مع التلبية أو سوق الهدى واختاره الشيخ تقي الدين. 2 قال شيخ الإسلام: ولا يكون الرجل محرماً بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته. فإن القصد ما زال في قلبه منذ خرج من بلده، بل لا بد من قول أو عمل يصير به محرما- يعني كالتلبية أو سوق الهدي- هذا هو الصحيح من القولين. وقال: فإذا أراد الإحرام فإن كان قارناً قال : لبيك عمرة وحجاً . وإن كان متمتعاً قال لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج . وإن كان مفرداً قال : لبيك حجة أو قال : اللهم إني أوجبت عمرة وحجاً أو أوجبت عمرة أتمتع بها إلى الحج أو أوجبت حجا أو أريد الحج أو أريدهما أو أريد التمتع بالعمرة إلى الحج، فمهما قال من ذلك أجزأه باتفاق الأئمة ليس في ذلك عبارة مخصوصة ولا يجب شيء من هذه العبارات باتفاق الأئمة كما لا يجب التلفظ بالنية في الطهارة والصلاة والصيام باتفاق الأئمة، بل متى لبى قاصدا للإحرام انعقد إحرامه باتفاق المسلمين. 3

ويستحب تكرار التلبية، ورفع الصوت بها من الرجال, وتجديدها عند كل مناسبة من نزول، أو ركوب، أو إقامة صلاة، أو فراغ منها، أو ملاقاة رفاق, وتقطع التلبية في العمرة إذا شرع في طوافها، وتقطع في الحج إذا شرع في رمي جمرة العقبة.



سنن الإحرام ومستحباته:

1- تنظيف البدن وقص الشارب وقص الأظافر وأخذ شعر الإبط والعانة ، ويسنّ الغسل لكل محرم صغيراً أو كبيراً ذكراً أو أنثى لما روى خارجة بن زيد عن أبيه زيد بن ثابت ( أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم تجرد لإهلاله واغتسل ) أخرجه التّرمذيّ وحسّنه . ويطلب أيضاً من المرأة الحائض والنّفساء في حال الحيض والنّفاس . فعن ابن عبّاس مرفوعاً إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : ((إنّ النّفساء والحائض تغتسل وتحرم وتقضي المناسك كلّها ، غير أن لا تطوف بالبيت حتّى تطهر)) أخرجه أبو داود والتّرمذيّ وحسّنه واللّفظ للتّرمذيّ . ولما ورد في حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة . فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر . فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم كيف أصنع ؟ قال اغتسلي . واستثفري بثوب وأحرمي ) رواه مسلم. ص 431

2- التطيب قبل الإحرام استعداداً له، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : ( كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه و سلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت ) متفق عليه. وعنها رضي الله عنها أيضاً قالت : « كأنّي أنظر إلى وبيص الطّيب في مفارق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو محرم » . متّفق عليه. أما تطييب ثياب الإحرام فقد منعه جمهور العلماء. قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله ( ولا ينبغي وضع الطيب على الرداء أو الإزار ، إنما السنة تطييب البدن ، كرأسه ولحيته وإبطيه ونحو ذلك، أما الملابس فلا يطيبها عند الإحرام، لقوله صلى الله عليه وسلم : ((ولا تلبسوا شيئاً مسه الزعفران أو الورس )) متفق عليه. فالسنة أن يتطيب في بدنه فقط، أما ملابس الإحرام فلا يطيبها، وإذا طيبها لم يلبسها حتى يغسلها أو يغيرها.

3- يسن للرجل لبس إزار ورداء أبيضين نظيفين جديدين أو غسيلين لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((البسوا من ثيابكم البياض . فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم)) رواه الترمذي . ولبس نعلين أيضا لقوله صلى الله عليه و سلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما : (( ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين )) رواه الإمام أحمد

4- أن يحرم عقب صلاة إما مكتوبة أو نافلة ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين » . أخرجه مسلم . ولا يصلّيهما في الوقت المكروه ،. وتجزئ الصّلاة المكتوبة عن سنّة الإحرام . قال ابن قدامة في المغني: والأَولى : الإحرام عقب صلاة.

5- التلفظ بالنية وتعيين النسك الذي أحرم به فإن أطلق صرفه حيث شاء وإن أحرم بإحرام غيره صح كأن يقول : أحرمت بمثل ما أحرم بمثل ما أحرم به فلان لما روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال : ( قدمت على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو منيخ بالبطحاء فقال لي : أحججت ؟ فقلت : نعم . فقال : بم أهللت ؟ قال : قلت لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه و سلم . قال : فقد أحسنت ) رواه مسلم.

6- أن يشترط حين إحرامه إذا خشي عدم إتمام النسك فيقول : "وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستنيي " لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : ( دخل النبي صلى الله عليه و سلم على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت : يا رسول الله إني أريد الحج . وأنا شاكية فقال النبي صلى الله عليه و سلم : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني ) رواه مسلم. ويفيد هذا الشرط في شيئين : أنه متى عاقه عائق من مرض أو غيره فله التحلل ، وأنه إذا حل لذلك فلا شيء عليه من دم ولا غيره .

7- البداءة بالتلبية إذا ركب راحلته. لما روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما ( أنه صلى الله عليه و سلم أهل حين استوت به راحلته ) ( متفق عليه ) ، قال النووي في المجموع: الأصح عندنا أنه يستحب إحرامه عند ابتداء السير، وانبعاث الراحلة، وبه قال مالك والجمهور من السلف والخلف.

ويرفع الرجل صوته بالتلبية لما روى خلاد بن السائب بن خلاد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية )) ( رواه الترمذي ) ، أما المرأة فتسمع نفسها فقط ويكره لها الجهر .

ويستحب الإكثار من التلبية ، ويتأكد استحبابها عند تغير الأوضاع والأحوال، فيلبي في صعود وهبوط أو تلبس بمحظور ناسيا وفي أدبار الصلوات وإقبال الليل والنهار وبالأسحار وإذا التقت الرفاق، لما روى جابر رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يلبي إذا رأى راكبا أو صعد أكمة أو هبط واديا وفي إدبار المكتوبة وآخر الليل ) ويستمر الحاج في التلبية إلى أن يرمي جمرة العقبة يوم النّحر ، ويقطعها عند الطّواف والسّعي للاشتغال بالأذكار والأدعية الواردة فيها.

8- يستحب للمحرم قلة الكلام إلا فيما ينفع لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) ( رواه ابن ماجه ) فهذا في حال الإحرام والتلبس بطاعة الله تعالى والاستشعار بعبادته أولى . 4

محظورات الإحرام:

وينبغي الإشارة هنا إلى محظورات الإحرام: وهي الأعمال الممنوعة التي لو فعلها الحاج أو المعتمر وجب عليه فيها فدية، أو صيام، أو إطعام, وهي:

1- حلق الشعر من أي جزء من بدنه.

2- تقليم الأظفار.

3- تغطية الرأس للرجل، وتغطية الوجه من الأنثى إلا إذا مرَّ بها رجال أجانب.

4- لبس المخيط: وهو ما يخاط على حجم عضو الجسم كالثوب والسروال ونحوهما، وهذا خاص بالرجال دون النساء.

5- الطيب.

6- قتل الصيد البري المأكول.

7- عقد النكاح.

8- الجماع، فإن كان قبل التحلل الأول فسد نسكهما، ويجب في ذلك بدنة، ويمضيان فيه، ويقضيان من العام المقبل، وإن كان بعد التحلل الأول فلا يفسد به النسك لكن يجب في ذلك شاة.

9- مباشرة الرجل المرأة فيما دون الفرج, فإن أنزل فعليه بدنة, وإن لم ينزل فعليه شاة، ولا يفسد حجه في كلا الحالين.

والمرأة كالرجل فيما سبق من المحظورات إلا في لبس المخيط فتلبس ما شاءت غير متبرجة، وتغطي رأسها، وتكشف وجهها ولا تغطيه إلا عند وجود رجال أجانب منها.

ويحصل التحلل الأول في الحج بفعل اثنين من ثلاثة:

1- طواف.

2- رمي.

3- حلق أو تقصير.

وإذا حاضت المرأة المتمتعة قبل الطواف، وخشيت فوات الحج؛ أحرمت به، وصارت قارنة، وليعلم أن الحائض والنفساء تفعل المناسك كلها غير الطواف بالبيت.

ويجوز للمحرم ذبح بهيمة الأنعام، والدجاج ونحوهما، وله قتل الصائل المؤذي كالأسد، والذئب، والنمر، والفهد، والحية، والعقرب، والفأرة؛ وكل مؤذ، كما يجوز له صيد البحر وطعامه.

ويحرم على المحرم وغير المحرم قطع شجر الحرم وحشيشه إلا الإذخر, كما يحرم قتل صيد الحرم, فإن فعل فعليه الفدية، ويحرم صيد حرم المدينة، وقطع شجره، ولا فدية فيه.



وحيث ذكرنا أن من واجبات الحج أن يحرم الحاج من الميقات فنشير هنا إلى المواقيت، ونقول:

المواقيت قسمان:

أ‌- زمانية: وهي أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة. مع خلاف هل هي عشر ذي الحجة أم شهر ذي الحجة كاملاً. والاتفاق على أن من طلع عليه فجر اليوم العاشر قبل أن يحرم بالحج لا يصح حجه ولا ينعقد إحرامه بالحج.

ب‌- مكانية: وهي التي يحرم منها من أراد الحج أو العمرة, وهي خمسة:

1- ذو الحليفة: وهو ميقات أهل المدينة.

2- الجحفة: وهي ميقات أهل الشام ومصر ومن حاذاها أو مرَّ بها.

3- يلملم: وهو ميقات أهل اليمن ومن بحذائها أو مرَّ بها.

4- قرن المنازل: وهو ميقات أهل نجد والطائف ومن مرَّ به، وهو المشهور الآن بـ"السيل الكبير".

5- ذات عرق: وهي ميقات أهل العراق، وخراسان، ووسط، وشمال نجد، ومن حاذاها أو مرَّ بها.

فهذه المواقيت لأهلها، ومن مرَّ عليها من غيرهم ممن أراد الحج أو العمرة, ومن كان دون المواقيت فميقاته من حيث أنشأ؛ حتى أهل مكة من مكة, ومن أراد الحج من أهل مكة أحرم منها، ومن أراد العمرة من أهل مكة أحرم من الحل وهو خارج الحرم من جميع الجهات.

وإذا لم يكن طريق الحاج أو المعتمر على ميقات فميقاته حذو أقرب المواقيت إليه، فيُحرم إذا حاذاه سواء كان بطائرة أو سيارة أو باخرة.

ولا يجوز لحاج أو معتمر تجاوز الميقات بلا إحرام، ومن تجاوزه بلا إحرام لزمه الرجوع إلى الميقات ليحرم منه، فإن لم يرجع أحرم من موضعه ولزمه دم، وحجته وعمرته صحيحة، وإن أحرم قبل الميقات صحّ إحرامه.

أنواع النسك:

- يكون الإحرام على مناسك ثلاثة: مفرد أو قارن أو متمتع،

التمتع: هو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج – وهي: شوال, وذو القعدة, وعشر من ذي الحجة – ويقول عند الإحرام وعقد النية ( لبيك اللهم عمرة ) ثم يفرغ منها بالطواف والسعي والحلق أو التقصير ويحل من إحرامه ، ثم يحرم بالحج من مكة أو مكان نزوله يوم التروية في نفس عامه ويقول ( لبيك اللهم حجاً ) ، ويلزمه هدي التمتع ما لم يكن من أهل مكة ، ويأكل منه ويهدي ويتصدق فإن عدم الهدي أو ثمنه سقط عنه وانتقل إلى الصوم لقوله تعالى {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} . وهو أفضل الأنساك عند الحنابلة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من لم يسق الهدي أن يجعل إحرامه عمرة، وقال: (( لولا أنِّي سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به )) متفق عليه.

القران: وهو الإحرام بالعمرة والحج معاً في أشهر الحج فيقول: " لبيك عمرة وحجاً " ثم يبقى على إحرامه إلى أن يتحلل التحلل الأول يوم النحر. أو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها . وهو الأفضل في حق من ساق الهدي معه ، ويلزمه هدي القران ما لم يكن من أهل مكة فلا هدي عليه .

الإفراد: وهو أن يحرم بالحج وحده في أشهر الحج بأن يقول: " لبيك اللهم حجاً " وذلك من الميقات أو من منزله إن كان دون الميقات أو من مكة إذا كان مقيماً بها ،ثم يبقى على إحرامه إلى أن يتحلل التحلل الأول يوم النحر .



وفي إحرام القارن أمور؛ يقول ابن عثيمين رحمه الله: "والقران له ثلاث صور:

الأولى: أن يحرم بالحج والعمرة معاً، فيقول: لبيك عمرة وحجاً، أو لبيك حجاً وعمرة، وقالوا: الأفضل أن يقدم العمرة في التلبية فيقول: ((لبيك عمرة وحجاً))؛ لأن تلبية النبي صلى الله عليه وسلم هكذ 5 ، ولأنها سابقة على الحج.

الثانية: أن يحرم بالعمرة وحدها، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في الطواف.

الثالثة: أن يحرم بالحج أولاً، ثم يدخل العمرة عليه، وهذه الصورة فيها خلاف بين العلماء على قولين: فالمشهور عند الحنابلة رحمهم الله أن هذا لا يجوز؛ لأنه لا يصح إدخال الأصغر على الأكبر، فيبقى على إحرامه إلى يوم العيد، وهذا القول الأول، أما من حوّل الحج إلى عمرة ليصير متمتعاً فهذا سنة.

والقول الثاني: الجواز لحديث عائشة رضي الله عنها: "أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج" 6 ، ثم جاءه جبريل عليه السلام وقال: ((صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة، أو عمرة وحجة))7 ، فأمره أن يدخل العمرة على الحج، وهذا يدل على جواز إدخال العمرة على الحج.

والقول بأنه لا يصح إدخال الأصغر على الأكبر مجرد قياس فيه نظر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)) 8 ، وسمى العمرة حجاً أصغر 9 ، فلا مانع ولا تناقض وهذا القول دليله قوي.

فإن قالوا: إنه لا يستفيد بذلك شيئاً؟ قلنا: بلى يستفيد، لأنه بدل من أن يأتي بنسك واحد أتى بنسكين" 10 .

مسألة تجاوز الميقات المكاني:

لا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة مجاوزة الميقات بغير إحرام إجماعاً, فإن جاوزه متعمداً فهو آثم. قال في المغني : من جاوز الميقات وهو يريد الإحرام بالحج أو العمرة ولم يحرم , فعليه أن يرجع إليه ليحرم منه, إن أمكنه , سواء تجاوزه عالماً به أو جاهلاً، فإن رجع إليه , فأحرم منه , فلا شيء عليه . لا نعلم في ذلك خلافا ..؛ لأنه أحرم من الميقات الذي أُمر بالإحرام منه, فلم يلزمه شيء, كما لو لم يتجاوزه. وإن أحرم من مكانه الذي نزل فيه, فعليه دم . أ.هـ ، وهي شاة يذبحها في مكة ويوزعها على فقراء الحرم .

ومن جاوز الميقات قاصداً مكة من غير نية الحج أو العمرة ثم بدا له بعد ما وصل مكة أن يحج أو يعتمر، فإنه يحرم من مكانه الذي هو فيه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما : " ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ " ( المجموع 7/209 ) إلا إن بدا له أن يعتمر وكان في مكة فيخرج إلى أدنى الحل ( مثل التنعيم ) ويحرم منه .

ومن جاوز الميقات وفي نيته الحج إن تيسر له ثم تيسر له فعزم على الحج، فإنه يُحرم من مكانه سواء كان داخل المواقيت أو في مكة ، ( مجموع فتاوى ابن باز 17/ 43 )

وفي اختيارات اللجنة الدائمة للإفتاء: "فيجب على من مرَّ بأحد المواقيت مريداً الحج والعمرة أن يحرم منها، فإن تجاوزها بدون إحرام وجب عليه الرجوع قبل الإحرام ليحرم منها، وإن لم يرجع وجب عليه دم جبراً للنسك" 11 .

وإن أراد حاج الإحرام من الميقات فأخَّره إلى "جدة" حيث تهبط الطائرة ، ففيه يقول الشيخ ابن باز رحمه الله إجابة على سؤال: "بعضهم يفتي للقادم للحج بطريق الجو بأن يحرم من جدة، وآخرون ينكرون ذلك؛ فما هو وجه الصواب في هذه المسألة؟ أفتونا مأجورين.

فيجيب رحمه الله: الواجب على جميع الحجاج جواً وبحراً وبراً أن يحرموا من الميقات الذي يمرُّون عليه براً، أو يحاذونه جواً أو بحراً لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقَّت المواقيت: ((هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)) 12 الحديث متفق عليه.

أما جدة فليست ميقاتاً للوافدين، وإنما هي ميقات لأهلها، ولمن وفد عليها غير مريدين الحج ولا العمرة، ثم أنشأوا الحج والعمرة منها" 13 .
هذه بعض الإشارات المهمة فيما يخص الركن الأول من أركان الحج الذي هو الإحرام. والحمد لله أولاً وآخراً





1 المغني في فقه الحج والعمرة ، سعيد باشنفر ص. 82


2 الإنصاف ( 3 / 431 )


3 مجموع فتاوى ابن تيمية ( 26 / 105 ، 108 )


4 فقه العبادات 1/ 433-435 ، الموسوعة الفقهية 2/ 217 ، الممتع 7/ 110 ، مجموع الفتاوى ( 26 / 107 ) ، المجموع ( 7 / 223 )


5 رواه مسلم برقم (2168).


6 رواه البخاري برقم (4056)، ومسلم برقم (2113).


7 رواه البخاري برقم (6797).


8 رواه مسلم برقم (2182).


9 أخرجه الدارقطني برقم (2/285)؛ وابن حبان برقم (6559) والحاكم (1/395)؛ والبيهقي برقم (4/89) عن عمرو بن حزم، وصححه الشافعي وأحمد، وابن حبان، وغيرهم، انظر: نصب الراية (2/341).


10 الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/83-84، 86-87).


11 اختيارات اللجنة الدائمة في الحج (1/4).


12 رواه البخاري برقم (1427) بلفظه، ومسلم برقم (2023).


13 مجموع فتاوى بن باز كتاب الحج والعمرة (2/19)، ونشر في كتاب (الدعوة) (1/125).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://pontera.yoo7.com
غــــريــــب
الــمــديــر الــعــام
غــــريــــب


عدد المساهمات : 2566
نقاط : 7147
تاريخ التسجيل : 01/10/2010
الموقع : الــمــغــرب

أركان الحج أربعة Empty
مُساهمةموضوع: الركن الثاني ( الوقوف بعرفة )   أركان الحج أربعة Emptyالأربعاء أكتوبر 27, 2010 3:29 pm

يوم عرفة هو أحد الأيام التي أقسم الله تعالى بها منوهاً إلى عظيم فضلها، وعلوِّ قدرها وشرفها قال تعالى: {وَالفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (سورة الفجر:2) قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إنها عشر ذي الحجة"، وقال ابن كثير: "وهو الصحيح، وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء))[1].

- ولم لا يكون كذلك وحسبه أنه يومٌ ختم الله به الدين، وأتمَّ به النعمة على عباده فقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (سورة المائدة:3).

- وهو يوم أقسم الله به خصوصاً، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} (سورة البروج:3)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة))[2].

- وقد ورد في فضل صيام هذا اليوم لغير الحاج أنه يكفر الذنوب لسنة ماضية، وسنة باقية؛ فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة فقال: ((يكفِّر السنة الماضية والباقية)) رواه مسلم (2804).

- ويوم عرفة هو أكثر يوم يعتق الله فيه رقاب عباده من النار، ويباهي بهم ملائكته فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء)) رواه مسلم (3354).

- وهو يوم عيد للمسلمين، حين يقف حجاج بيت الله الحرام على صعيد عرفة يجأرون إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع، والابتهال إليه.

الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم:

أجمعت الأمة على أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم للحج ، وأنه لا يتم الحج إلا به، فمن لم يأت عرفة قبل طلوع فجر يوم النحر ، ولو لحظة ، ولو ماراً ، فقد فاته الحج بإجماع العلماء . لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْحَجُّ عَرَفَةُ ، فَمَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ ))[3] . قال ابن المنذر رحمه الله:" أجمعوا على أن الوقوف بعرفة فرض، ولا حج لمن فاته الوقوف بها"[4]، وقال الماوردي رحمه الله: "أما الوقوف بعرفة حكمه فركن من أركان الحج واجب، لا نعرف فيه خلافاً بين العلماء"[5].

- شروط الواقف بعرفة:

يشترط لصحة حج الواقف بعرفة:

1- أن يكون مسلماً، فغير المسلم ليس أهلاً للحج.

2- أن يكون مُحرماً؛ لأن غير المُحرم ليس أهلاً للحج، ولم يكن في إحرام حتى يصح منه الوقوف.

3-: أن يكون عاقلاً، فإن كان مجنوناً لم يصح وقوفه.

فكيفما حصل وقوفه سواء كان قائماً، أو جالساً، أو راكباً، أو محمولاً، أو نائماً، ذاكراً، أوناسياً، عالماً بأنها عرفة أو جاهلاً، أجزأه ذلك. وبذلك قال الأئمة الأربعة.[6]

4- واختلفوا في المغمى عليه والسكران. فعند الشافعي وأحمد لا يصح وقوفهما. وعند أبي حنيفة ومالك يصح منهما ويجزئهما.[7] واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قول المذهب بعدم صحة وقوف المغمى عليه والسكران.[8]



مكان الوقوف بعرفة:

وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوقوف به وقال ((عرفة كلها موقف ، وارتفعوا عن بطن عرنة ))[9]

وقد بُينت حدود عرفة بعلامات وكتابات توضح عرفة من غيرها، فمن كان داخل الحدود الموضحة فهو في عرفة، ومن كان خارجها فهو ليس في عرفة، وعلى كل حاج أن يتأكد من ذلك، وأن يتعرف على تلك الحدود ليتأكد من كونه في عرفة. قال في المغني : " وليس وادي عرنة من الموقف، ولا يجزئه الوقوف فيه. قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن من وقف به لا يجزئه، وحكي عن مالك أنه يهريق دماً وحجه تام . قال ابن قدامة : ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (كل عرفة موقف وارفعوا عن بطن عرنة ) ولأنه لم يقف بعرفة فلم يجزئه، كما لو وقف بمزدلفة " أ.هـ[10]

قال الشافعي رحمه الله: " حيث وقف الناس من عرفات في جوانبها، ونواحيها، وحبالها، وسهلها، وبطاحتها، وأوديتها، وسوقتها المعروفة بذي المجاز أجزأه. إذا وقف في الموضع الذي يعرفه العرب بعرفة، فأما إذا وقف بغير عرفة من ورائها، أو دونها في عرفة عامداً، أو ناسياً، أو جاهلاً بها؛ لم تجزه "[11] ، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "لا يصح حج من وقف خارج حدود عرفة ولو كان قريباً منها"[12].

زمن الوقوف بعرفة:

يبدأ الوقوف بعرفة من حين زوال شمس يوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع الفجر الثاني من يوم النحر العاشر من ذي الحجة امتثالاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه وقف بعد زوال الشمس وهو القائل عليه الصلاة والسلام: ((خذوا عني مناسككم)) رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه.

واختلف العلماء رحمهم الله فيما قبل الزوال من يوم عرفة هل يجزئ الوقوف فيه أم لا يجزئ ، على قولين: الأكثرون على أن الوقوف لا يجزئ إلا بعد الزوال، لأنه موقف النبي عليه الصلاة والسلام وفعله. وهذا قول الجمهور.وحكى ابن عبد البر ذلك إجماعاً.

وذهب الإمام أحمد وهو اختيار ابن قدامة، إلى أن الوقوف قبل الزوال يجزئ ويدرك به الحج ، وأنّ وقت الوقوف يبدأ من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم النحر، فلو وقف قبل الزوال في صباح عرفة وانصرف أجزأه ذلك ، ولكن عليه دم لأنه لم يقف إلى الغروب . واستدلوا بعموم حديث عروة بن مضرس قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت: يا رسول الله إني جئت من جبل طيء أكللت راحلتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه؛ فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً؛ فقد تمَّ حجه، وقضى تفثه))[13] فأطلق النهار ، قالوا : فهذا يشمل ما قبل الزوال وما بعده.[14]

لكن الأحوط ما ذهب إليه الجمهور لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. واختار هذا القول – بأن الوقوف يبدأ بعد الزوال – ابن تيمية رحمه الله، والشيخ ابن باز رحمه الله وقال: "هذا هو الأحوط"[15]، وكذا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقال: "ولا شك أن هذا القول أحوط من القول بأن النهار في هذا الحديث يشمل ما قبل الزوال"[16].



ويجب عند الجمهور (الحنفية والمالكية والحنابلة) الوقوف إلى غروب الشمس ليجمع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة، فإن النبي صلّى الله عليه وسلم وقف بعرفة حتى غابت الشمس في حديث جابر السابق، وفي حديث علي وأسامة: ((أن النبي صلّى الله عليه وسلم جعل يعنق على ناقته، والناس يضربون الإبل يميناً وشمالاً، لا يلتفت إليهم، ويقول: السكينة أيها الناس، ودفع حين غابت الشمس))[17]؛

فإن دفع قبل الغروب فحجه صحيح تام عند جمهور أهل العلم، وعليه دم.

وذهب مالك إلى أن من دفع من عرفة قبل الغروب وقد وقف نهاراً فقد فسد حجه وعليه القضاء من قابل، وحجته ما روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج، ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج، فليحل بعمرة وعليه الحج من قابلل[18]، قال ابن عبد البر: لا نعلم أحداً من فقهاء الأمصار قال بقول مالك.[19]

وقال الشافعية: يسن الجمع بين الليل والنهار فقط اتباعاً للسنة، فلا دم على من دفع من عرفة قبل الغروب، وإن لم يعد إليها بعده لما في الخبر الصحيح: ((من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً؛ فقد تم حجه، وقضى تفثه))[20].

والراجح ما ذهب إليه الجمهور من وجوب الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف في النهار، ليجمع بين الليل والنهار ، أما من لم يدرك عرفة إلا بعد الغروب فليس عليه شيء وحجه صحيح إجماعاً.

والحاصل مما ذكرناه :

- أجمع العلماء على أن من وقف بعد زوال الشمس يوم عرفة ، ونفر بعد غروب الشمس فحجه صحيح ، وهو الموافق للسنة.

- أجمع العلماء على أن نهاية زمن الوقوف هو فجر يوم النحر، فمن وقف بعد ذلك فقد فاته الوقوف.

- الجمهور على أن وقت الوقوف يبدأ من زوال الشمس يوم عرفة وينتهي بطلوع فجر يوم النحر، فمن وقف بعرفة قبل الزوال ونفر منها قبل الزوال فلا حج له. وعند الإمام أحمد حجه صحيح، لأن وقت الوقوف عنده من طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر، وعليه دم لأنه نفر قبل الغروب. والراجح والأحوط ما ذهب إليه الجمهور.

- الجمهور على أن من وقف بالنهار وجب عليه البقاء إلى غروب الشمس ليجمع بين الليل والنهار ، فإن خرج من عرفة قبل الغروب فعليه دم لأن الوقوف إلى الغروب واجب. وعند الشافعية يسن له الفدية ولا تجب عليه لأن الجمع بين الليل والنهار سنة ، وعند مالك حجه فاسد إلا أن يعود قبل الفجر، لأن الوقوف بالليل شرط لصحة الوقوف، ولا يُعلم أحد قال بقوله. والراجح ما ذهب إليه الجمهور من وجوب الوقوف إلى الليل لمن وقف بالنهار ، فإن خرج قبل الغروب ولم يرجع فعليه دم ، وإن رجع فوقف حتى غربت الشمس فلا دم عليه.

- وأجمع العلماء على أن من أدرك عرفة بالليل قبل طلوع فجر يوم النحر ولو للحظة ، أو ماراً، فقد أدرك الحج.[21]

- حكم الطهارة للوقوف بعرفة:

اتفق العلماء على أن من وقف بعرفة على غير طهارة؛ فحجه صحيح، ولا شيء عليه، قال ابن المنذر: "أجمعوا على أنه من وقف بعرفات على غير طهارة أنه مدرك للحج ولا شيء عليه"[22]، وقال ابن قدامة رحمه الله: "ولا يشترط للوقوف طهارة، ولا ستارة، ولا استقبال، ولا نية، ولا نعلم في ذلك خلافاً"[23]، ومن الأدلة على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: ((افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)) رواه البخاري(1650) . لكن يستحب أن يكون طاهراً، قال أحمد: "يستحب له أن يشهد المناسك كلها على وضوء"[24].



ويسن للحاج أن ينزل بنمرة قبل الزوال إن تيسر له، ويستمع لخطبة عرفة، ويصلي الظهر والعصر قصراً، ويجمعهما جمع تقديم؛ وبعدها يدخل عرفة، ويتفرغ الحجاج للدعاء والتضرع والابتهال إلى الله تعالى، وهم في منازلهم من عرفة، ويتأكد الحاج من أنه داخل حدود عرفة، والمستحب أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة ويستقبل القبلة ويدعو لما جاء في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم،[25] ولا يسن صعود الجبل ، ولا يلزم الحاج أن يذهب إلى جبل الرحمة إن شق عليه أو كان في ذلك مزاحمة، فعرفة كلها موقف كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يستقبل الجبل حال الدعاء، وإنما يستقبل الكعبة المشرفة.

وينبغي أن يجتهد في الدعاء والتضرع والتوبة في هذا الموقف العظيم، ويستمر في ذلك، وسواء دعا راكباً أو ماشياً أو واقفاً أو جالساً أو مضطجعاً على أي حال كان، ويختار الأدعية الواردة والجوامع لقوله صلى الله عليه وسلم : ((خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))[26]، ويستمر في البقاء بعرفة والدعاء إلى غروب الشمس.



مسألة في فوات الوقوف بعرفة:

الحج عرفة، فمن أحرم بالحج مطلقاً فرضاً كان أو نفلاً، صحيحاً كان أو فاسداً، ثم فاته الوقوف بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر فقد فاته الحج. قال النووي رحمه الله في "المجموع" (8/273) : " فإذا أحرم بالحج ، فلم يقف بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر فقد فاته الحج بالإجماع ".

ومن فاته الحج - ولم يكن قد اشترط في أول إحرامه أن محله حيث حبس – فيلزمه عند الجمهور عدة أمور:

1ـ أن يتحلل بعمرة ( من طواف، وسعي، وحلق أو تقصير )، 2ـ ويقضى على الفور من عام قابل، 3ـ ويلزمه الهدي في وقت القضاء، و4ـ وتلزمه التوبة إن كان تأخره لغير عذر.

وعند الأحناف: أن من فاته الحج وجب عليه أن يتحلل بعمرة، ويقضي الحج من عام قابل، ولكن لا يلزمه دم هدي وقت القضاء. لأن التحلل وقع بأفعال العمرة، فكانت في حق فائت الحج بمنزلة الدم في حق المحصَر، فلا يجمع بينهما، فلو كان الفوات سبباً للزوم الهدي للزم المحرم هديان: للفوات، والإحصار. . قال العلامة برهان الدين ابن مازة من علماء الحنفية: "من فاته الوقوف بعرفة، ووقت الوقوف بعرفة من حين تزول الشمس من يوم عرفة إلى أن يطلع الفجر من يوم النحر على ما مرَّ، إذا لم يقف في شيء من هذا الوقت، فقد فاته الحج، وعليه أن يتحلل بأفعال العمرة عندنا، يطوف ويسعى ويحلق ... ولا دم عليه عندنا"[27].

ولكن هذا القول خلاف الراجح . والأصح ما ذهب إليه جمهور العلماء من وجوب الهدي مع القضاء. وذلك لما رواه مالك في الموطأ (870) أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه : (خَرَجَ حَاجًّا حَتَّى إِذَا كَانَ بِالنَّازِيَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ أَضَلَّ رَوَاحِلَهُ ، وَإِنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ النَّحْرِ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : اصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ ، ثُمَّ قَدْ حَلَلْتَ ، فَإِذَا أَدْرَكَكَ الْحَجُّ قَابِلًا ، فَاحْجُجْ وَأَهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ).[28]

وما رواه عِكْرِمَةَ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ . قَالَ عِكْرِمَةُ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا : صَدَقَ ) رواه أبو داود (1862) وفي لفظ : ( مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ أَوْ مَرِضَ ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود .

ولقول عمر لأبي أيوب رضي الله عنهما : (فَإِذَا أَدْرَكَكَ الْحَجُّ قَابِلًا ، فَاحْجُجْ وَأَهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ)

وروى مالك عن نافع عن سليمان بن يسار (أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ ، كُنَّا نَرَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ ، فَقَالَ عُمَرُ : اذْهَبْ إِلَى مَكَّةَ فَطُفْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ ، وَانْحَرُوا هَدْيًا ، إِنْ كَانَ مَعَكُمْ ، ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا ، وَارْجِعُوا ، فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ ) .

قال ابن قدامة في "المغني" (3/280) : " الهدي يلزم من فاته الحج في أصح الروايتين . وهو قول من سمينا من الصحابة , والفقهاء , إلا أصحاب الرأي , فإنهم قالوا : لا هدي عليه...، ولنا , حديث عطاء , وإجماع الصحابة...".

وقال أيضاً (3/281) : " وإذا كان معه هدي قد ساقه نحره [يعني في السنة التي فاته الحج فيها] ، ولا يجزئه , بل عليه في السنة الثانية هدي أيضاً. نص عليه أحمد , وذلك ؛ لحديث عمر رضي الله عنه".

أما من كان قد اشترط فلا يجب عليه قضاء ولا هدي، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير فقال لها: ((لعلك أردت الحج)) قالت: والله لا أجدني إلا وجعة، فقال لها: ((حجي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني)) رواه البخاري (5089).
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.






[1] رواه الترمذي (757)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.


[2] سنن الترمذي (3339)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي.


[3] سنن الترمذي (889)، والنسائي ( 3016 ) واللفظ له، وصححه الألباني .


[4] الإجماع لابن المنذر (ص56).


[5] الحاوي (4/417).


[6] المغني (5/ 20 )


[7] المجموع ( 8/ 104 )


[8] الشرح الممتع (7/299).


[9] أخرجه الحاكم والبزار والبيهقي ومالك في الموطأ وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 4006 )


[10] المغني لابن قدامة ( 5/ 16 )


[11] المجموع ( 8/ 109 )


[12] الاختيارات العلمية في مسائل الحج والعمرة (ص20).


[13] سنن الترمذي (891) من حديث عروة بن مضرس، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.


[14] ينظر المغني ( 5/ 24 )


[15] الاختيارات العلمية في مسائل الحج والعمرة (ص21).


[16] الشرح الممتع (7/298).


[17] سنن أبي داود (1924)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1922).


[18] أخرجه الدار قطني ( 2/241 ) ، وفي إسناده ابن أبي ليلى وهو ضعيف، لسوء حفظه، ويحيى بن عيسى التميمي الفاخوري، وأعل الحديث الزيلعي في نصب الراية ( 3 / 145 )


[19] انظر المغني ( 5/ 23 ) ، بداية المجتهد لابن رشد ( 2 / 114 ) ، الإجماع لابن المنذر ( ص 56 ).


[20] سنن الترمذي (891) من حديث عروة بن مضرس، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.


[21] ينظر المغني ( 5/ 22-25 ) ، بداية المجتهد ( 2 / 112-114 )


[22] الإجماع لابن المنذر (ص56).


[23] المغني (3/432).


[24] المغني (3/432).


[25] المغني ( 5/ 17 )


[26] رواه مالك في موطئه برقم (449) (2/150)، والترمذي في سننه (3509) (12/Cool، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (2598).


[27] المحيط البرهاني للإمام برهان الدين ابن مازة (3 / 31).


[28] ورواه البيهقي (10105) وصححه الألباني في الإرواء (4/344). كما صحح إسناده النووي رحمه الله. ينظر "المنتقى شرح الموطأ" (3/7) ، "المجموع" ( 8/ 274 – 275 )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://pontera.yoo7.com
غــــريــــب
الــمــديــر الــعــام
غــــريــــب


عدد المساهمات : 2566
نقاط : 7147
تاريخ التسجيل : 01/10/2010
الموقع : الــمــغــرب

أركان الحج أربعة Empty
مُساهمةموضوع: الركن الثالث ( طواف الإفاضة )   أركان الحج أربعة Emptyالأربعاء أكتوبر 27, 2010 3:32 pm

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالطواف أحد أعمال الحج التي ينبغي القيام بها، وهو من العبادات العظيمة الجليلة التي حثَّ عليها القرآن، فقال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (سورة الحج:29)، ولهذا السبب كان لابد من معرفة أنواع الطواف، وما يتعلق بكل واحد منها من الأحكام:

أنواع الطواف:

للطواف ثلاثة أنواع هي:

1- طواف القدوم .

2- طواف الإفاضة.

3- طواف الوداع.

ولكل واحد منها أحكام، وسوف نتحدث هنا عن طواف الإفاضة الذي يعتبر ركناً من أركان الحج:

طواف الإفاضة:

وله عدة أسماء: طواف الحج، وطواف الإفاضة، وطواف الزيارة، وطواف الفرض، وطواف الركن، وطواف الصَدَر.

حكمه:

أجمع العلماء رحمهم الله على أنه ركن من أركان الحج، لا يصح الحج إلا به استناداً إلى قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (سورة الحج:29)، وقد أجمعوا على أن المراد بهذا الطواف: طواف الإفاضة، وحديث عائشة رضي الله عنها ( أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه و سلم حاضت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أحابستنا هي ؟ قالوا : إنها قد أفاضت . قال : فلا إذا ) ( رواه البخاري 1670 ). ونقل الإجماع على فرضية هذا الطواف غير واحد من أهل العلم رحمهم الله منهم الكاساني[1]، وابن قدامة المقدسي[2]، والنووي[3]، وابن المنذر[4].

ومن نسيه أو تركه لزمه أن يرجع لأدائه ولو وصل إلى أقاصي الأرض شرقاً أو غرباً، فلا يتم الحج ولا التحلل الأكبر إلا به.

بداية وقت طواف الإفاضة:

طواف الإفاضة له وقت فضيلة، ووقت جواز:

فأما وقت الفضيلة: فهو يوم النحر أول النهار بعد رمي جمرة العقبة والنحر والحلق، موافقة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. لما رواه مسلم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر، ثم رجع فصلى الظهر بمنى، قال نافع: فكان ابن عمر يفيض يوم النحر، ثم يرجع فيصلي الظهر بمنى، ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعَله. رواه مسلم (3225)، قال النووي رحمه الله: "في هذا الحديث إثبات طواف الإفاضة، وأنه يستحب فعله يوم النحر أول النهار... واتفقوا على أنه يستحب فعله يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق"[5].

أما وقت الجواز: فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله في أول وقته ( ابتدائه ) على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن ابتداء وقته من طلوع الفجر الثاني من يوم النحر وهو قول الحنفية[6]، والمشهور من مذهب المالكية[7]، ورواية عند الحنابلة[8]، واستدلوا: بفعله صلى الله عليه وسلم مع قوله: ((لتأخذوا مناسككم)) رواه مسلم (1297)، وقد طاف صلى الله عليه وسلم طواف الإفاضة يوم النحر في النهار ولم يطف ليلة النحر، والنهار يبتدئ من طلوع الفجر، والليالي تابعة للأيام السابقة لا اللاحقة، فتكون ليلة النحر وقت ركن آخر وهو الوقوف بعرفة، ولا تكون وقتاً للطواف، لأن الوقت الواحد لا يكون وقتاً لركنين.

وكذلك حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني عندها[9]، ووجه الدلالة: أن طوافها كان بعد طلوع الفجر، لأنها رمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت إلى مكة.

القول الثاني: أن ابتداء وقته من بعد منتصف ليلة النحر، وبه قال الشافعية[10]، والمشهور عن الحنابلة[11]، وهو اختيار العلامة ابن باز[12] رحمه الله، واستدلوا: بحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم، والذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت... إلخ، ووجه الدلالة لهم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل بها في ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، قالوا: وهذا كله في الليل قبل الفجر.

واستدلوا بأدلة جواز الدفع من مزدلفة قبل فجر يوم النحر، والتي منها عن عبد الله مولى أسماء عن أسماء أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي، فصلت، ثم قالت: يا بنيّ هل غاب القمر؟ قلت: لا، ثم صلت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر، فقلت: نعم، قالت: فارتحلوا، فارتحلنا فمضينا، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت: يا هنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا، قالت: يا بني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن للظعن. رواه البخاري (1595)، ووجه الدلالة: جواز الدفع من مزدلفة بعد منتصف الليل، وإذا جاز الدفع منها جاز الرمي والطواف.

القول الثالث: أن ابتداء وقته من بعد طلوع شمس يوم النحر، وهو قول عند مالك .[13]

وفي رواية ضعيفة عند بعض المالكية أن طواف الدخول ( القدوم ) إذا وُصِل بالسعي يجزئ عن طواف الإفاضة لمن تركه جاهلا أو ناسياً ولم يؤده حتى رجع إلى بلده، وعليه الهدي. وهذا قول ضعيف مرجوح. قال ابن عبد البر: ولا أعلم أحداً قال بهذا القول غير مالك ومن تبعه من أصحابه. على أن تحصيل مذهبه عند أكثر أصحابه انه لا يجزئ عن طواف الإفاضة إلا ما كان بعد الوقوف بعرفة قبل الجمرة أو بعدها ... وجمهور العلماء على أن طواف القدوم لا يجزئ عن طواف الإفاضة."[14] وقال رحمه الله: " وقال أهل المدينة من أصحاب مالك وهو قول سائر الفقهاء لا يجزئ طواف الدخول ولا ينوب عن طواف الإفاضة بحال من الأحوال، وإنما يجزئ عندهم طواف الإفاضة، كل طواف يعمله الحاج يوم النحر أو بعده في حجته، وأما كل طواف يطوفه قبل يوم النحر فلا يجزئ عن طواف الإفاضة.

وهو قول إسماعيل بن إسحاق وأبي الفرج وجمهور أهل العلم.

قال أبو عمر: وذلك والله أعلم لقول الله عز وجل { ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق } [ الحج 29 ]

فأمر الله عز وجل بالطواف بالبيت بعد قضاء التفث وذلك طواف يوم النحر بعد الوقوف بعرفة"[15]

نهاية وقت طواف الإفاضة:

لم يرد نص في نهاية وقت طواف الإفاضة، وجمهور العلماء على أنه لا آخر لوقته، بل يبقى وقته ما دام صاحب النسك حياً، لكن العلماء اختلفوا في لزوم الدم بالتأخير، أو عدم لزومه إلى ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنه لا يلزم بالتأخير دم مطلقاً، ففي أي وقت أتى به أجزأه، وهو مذهب الشافعية[16]، والحنابلة[17]، قال النووي رحمه الله: " ذكرنا أن مذهبنا أن طواف الإفاضة لا آخر لوقته بل يبقى ما دام حيا ولا يلزمه بتأخيره دم قال ابن المنذر ولا أعلم خلافا بينهم في أن من أخره وفعله في أيام التشريق أجزأه ولا دم فان أخره عن أيام التشريق فقد قال جمهور العلماء كمذهبنا لادم . ممن قاله عطاء وعمرو بن دينار وابن عيينة وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد وابن المنذر وهو رواية عن مالك. وقال أبو حنيفة إن رجع إلى وطنه قبل الطواف لزمه العود للطواف فيطوف وعليه دم للتأخير وهو الرواية المشهورة عن مالك. ودليلنا أن الاصل عدم الدم حتى يرد الشرع به والله أعلم. "[18]

واختار هذا القول الشيخ ابن باز رحمه الله فقال: "لا دليل لمن قال بعدم جواز تأخير طواف الإفاضة عن ذي الحجة، والصواب جواز التأخير، ولكن الأولى المبادرة به"[19].

القول الثاني: أن تأخيره عن أيام التشريق يجب فيه دم، وهو مذهب الحنفية[20]. لأنه نسك يفعل في الحج، فكان آخره محدوداً بنهاية أيام النحر.

القول الثالث: أنه لا يجب الدم إلا إذا أخره عن شهر ذي الحجة وهذا هو المشهور عن المالكية[21]،

واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عدم جواز تأخير الطواف عن شهر ذي الحجة،حيث قال: "الصواب أنه لا يجوز تأخيره عن شهر ذي الحجة إلا إذا كان هناك عذر كمرض لا يستطيع معه الطواف لا ماشياً، ولا محمولاً، أو امرأة نفست قبل أن تطوف طواف الإفاضة؛ فهنا ستبقى لمدة شهر أو أكثر، أما إذا كان لغير عذر فإنه لا يحل له أن يؤخره، بل يجب أن يبادر به قبل أن ينتهي شهر ذي الحجة"[22].

جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع:

إذا أخَّر الحاج طواف الإفاضة إلى الوداع فهل يطوف طوافاً واحداً أم يلزمه طوافان؟

اختلف الفقهاء في جمع طواف الإفاضة مع الوداع، وخلافهم مبنيٌ على: هل طواف الوداع مقصود لذاته؛ فيجب الإتيان به، أو ليس مقصوداً لذاته فيكفيه أن يؤخر الإفاضة إلى وداعه، فالمسألة على أقوال:

القول الأول: تأخير طواف الإفاضة لا يجزئ عن طواف الوداع، بل يلزمه طوافان؛ وهو مذهب الحنفية[23]، والشافعية[24]، وقول في مذهب الحنابلة[25].

القول الثاني: أن تأخير طواف الإفاضة إلى الوداع يجزئ عن الوداع؛ فيكتفي بطواف واحد وهو مذهب المالكية[26]، والمشهور من مذهب الحنابلة[27]، وهو ترجيح الشيخ ابن باز رحمه الله[28]، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله[29] بشرط أن تكون نيته طواف الإفاضة لا الوداع، وذلك لأن طواف الوداع ليس مقصوداً لذاته.

طواف الإفاضة للمرأة الحائض والنفساء:

اتفق الفقهاء على أن الحائض لا تطوف بالبيت[30]، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: ((فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي)) رواه البخاري (5559) ومسلم (1211)، فإذا حاضت المرأة أو نفست بعد أن تطوف طواف الإفاضة، فلا شيء عليها ، ويسقط عنها طواف الوداع ، لما جاء من حديث عائشة المتقدم ( لما حاضت صفية رضي الله عنها قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: " أحابستنا هي؟ " فقالوا : إنها قد أفاضت. قال: " فلا إذاً " رواه البخاري ومسلم.

أما إذا حاضت أو نفست قبل أن تطوف للإفاضة: فعليها عند جمهور العلماء، أن تبقى في مكة حتى تطهر وتطوف، فإن شق عليها البقاء لعدم وجود نفقة أو محرم أو رفقة، فتعود إلى بلدها من غير أن تطوف ، وتبقى على إحرامها ، ولا يقربها زوجها، حتى تطهر وتعود إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة وتتحلل بذلك التحلل الأكبر.

ولكن إذا اضطرت للطواف: ولا يمكنها البقاء في مكة حتى تطهر وتطوف، ولا يمكنها العودة أو يشق عليها ذلك مشقة زائدة. فقد اختلفوا في ذلك. هل يصح منها الطواف أم لا؟ على أقوال كما يلي:

القول الأول: إذا اشترطت في ابتداء إحرامها أن محلها حيث حبسها حابس، فلها ما اشترطت ولها التحلل ولا قضاء عليها ولا هدي.

القول الثاني: أنها تتحلل كما يتحلل المحصر، لأن خوفها منعها من المقام بمكة حتى تطوف، كما لو كان بمكة عدو منعها من الطواف. والجمهور على عدم جواز التحلل بغير حصر العدو.

القول الثالث: وهو الراجح والله أعلم، أنها تغتسل وتتحفظ حفاظاً محكماً ، وتتحرز مما يلوث المسجد، وتطوف على حالها. وتسعى بين الصفا والمروة إن لم تكن قد سعت. وهذا قول الأحناف والحنابلة. واختيار شيخ الإسلام وابن باز وابن عثيمين وغيرهم. ولكن هل يلزمها شيء بذلك؟

- عند الأحناف يلزمها بدنة، إذ إن الطهارة للطواف ليست شرطاً بل هي واجبة، فمن طاف محدثاً أجزأه، وعليه بدنة للجنابة ، وشاة للحدث الأصغر.

- وفي رواية عند الإمام أحمد أنه يجوز منها وتجبره بدم.[31]

- واختار شيخ الإسلام صحة الطواف منها ومن كل معذور، وأنه لا دم على واحد منهما. وهو اختيار الشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله. قال ابن تيمية رحمه الله: " وإذا دار الأمر بين أن تطوف طواف الإفاضة مع الحدث، وبين أن لا تطوفه، كان أن تطوفه مع الحدث أولى، فإن في اشتراط الطهارة نزاعا معروفا، .......وحينئذ فهذه المحتاجة إلى الطواف أكثر ما يقال: إنه يلزمها دم، كما هو قول أبي حنيفة، وأحد القولين في مذهب أحمد، فإن الدم يلزمها بدون العذر على قول من يجعل الطهارة واجبة، وأما مع العجز فإذا قيل بوجوب ذلك، فهذا غاية ما يقال فيها، وإلا قيس أنه لا دم عليها عند الضرورة......... وقد تبين بهذا أن المضطرة إلى الطواف مع الحيض لما كان في علماء المسلمين من يفتيها بالإجزاء مع الدم، وإن لم تكن مضطرة، لم تكن الأمة مجمعة على أنه لا يجزئها إلا الطواف مع الطهر مطلقا، وحينئذ فليس مع المنازع القائل بذلك لا نص، ولا إجماع، ولا قياس."[32] وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " الواجب على من حاضت قبل طواف الإفاضة أن تنتظر هي ومحرمها حتى تطهر، ثم تطوف الإفاضة، فإن لم تقدر جاز لها السفر، ثم تعود لأداء الطواف، فإن كانت لا تستطيع العودة وهي من سكان المناطق البعيدة كأندونيسيا، أو المغرب، وأشباه ذلك؛ جاز لها على الصحيح أن تتحفظ، وتطوف بنية الحج، و أجزأها ذلك عند جمع من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم رحمهما الله وآخرون من أهل العلم"[33]. وقال ابن عثيمين رحمه الله: " ولهذا كان القول الراجح أن المرأة إذا اضطرت إلى طواف الإفاضة في حال حيضها كان ذلك جائزاً، لكن تتوقى ما يخشى منه تنجيس المسجد بأن تستثفر، أي: تجعل ما يحفظ فرجها؛ لئلا يسيل الدم فيلوث المسجد. وهذا الذي تطمئن إليه النفس أنه لا يشترط في الطواف الطهارة من الحدث الأصغر، لكنها بلا شك أفضل وأكمل وأتبع للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا ينبغي أن يخل بها الإنسان لمخالفة جمهور العلماء في ذلك، لكن أحياناً يضطر الإنسان إلى القول بما ذهب إليه شيخ الإسلام، مثل لو أحدث أثناء طوافه في زحام شديد، فالقول بأنه يلزمه أن يذهب ويتوضأ ثم يأتي في هذا الزحام الشديد لا سيما إذا لم يبق عليه إلا بعض شوط ففيه مشقة شديدة، وما كان فيه مشقة شديدة ولم يظهر فيها النص ظهوراً بيناً، فإنه لا ينبغي أن نلزم الناس به، بل نتبع ما هو الأسهل والأيسر؛ لأن إلزام الناس بما فيه مشقة بغير دليل واضح منافٍ لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] ."[34]

شروط الطواف :

هناك بعض الشروط يذكرها الفقهاء باتفاق، وهي شروط عامة لكل عبادة فليست خاصة بالطواف وهي:

1- الإسلام: فهو شرط أساس لكل عمل، فلا يصح العمل بلا إسلام.

2- النية: فهي شرطٌ أساسي في كل عبادة؛ فلا يصح الطواف بلا نية.

وهناك شروط أخرى في بعضها خلاف، وهي:

1- الطهارة من الحدث الأصغر: حيث اتفق العلماء على مشروعية الطهارة في الطواف، واختلفوا هل هو شرط أم لا؟ فذهب مالك والشافعي وجمهور أهل العلم إلى أنه شرط لصحة الطواف، وهو المشهور من مذهب أحمد. وذهب أبو حنيفة إلى أنه واجب وليس بشرط، وهي رواية عن أحمد. ورجح ابن تيمية عدم اشتراط الطهارة للطواف،[35] ورجح الشيخ ابن باز رحمه الله لزوم الطهارة في الطواف[36]، وأما الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقد رجح أن الطهارة ليست بشرط، وقال"هذا الذي تطمئن إليه النفس أنه لا يشترط في الطواف الطهارة من الحدث الأصغر، لكنها بلا شك أفضل وأكمل وأتبع للنبي صلّى الله عليه وسلّم"[37].

2- ستر العورة: وهو شرط لحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر الصديق رضي الله عنه في الحجة التي أمَّره عليها قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس ألا لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. رواه البخاري (1622).

3- العقل: وقد اتفق الجمهور على صحة أفعال الحج من المجنون وغير المميز[38]، وقالوا: ينوي عنه وليه.[39]

4- أن يكون الطواف داخل المسجد: فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يصح الطواف خارج المسجد، وقال النووي رحمه الله: "واتفقوا على أنه لو طاف خارج المسجد لم يصح طوافه بحال"[40]، ويستثنى من ذلك الضرورة؛ فلو اشتد الزحام حتى لم يستطع الطواف إلا خارج المسجد جاز ذلك.[41]

5- أن يكون الطواف حول البيت كله: قال ابن عبد البر: "أجمع العلماء أن كل من طاف بالبيت لزمه أن يدخل الحجر في طوافه، واختلفوا فيمن لم يدخل الحجر في طوافه، فالذي عليه جمهور أهل العلم أن ذلك لا يجزئ، وأن فاعل ذلك في حكم من لم يطف الطواف كاملاً، وأن من لم يطف الطواف الواجب كاملاً يرجع من طوافه حتى يطوفه وهو طواف الإفاضة، وممن قال ذلك الشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وداود، وهو قول بن عباس وعطاء، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: الحجر من البيت {وليطوفوا بالبيت العتيق} (الحج:29)، ويقول: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجر، وقال أبو حنيفة: من سلك في الحجر ولم يطف من ورائه، وذكر ذلك وهو بمكة؛ أعاد الطواف، فإن كان شوطاً قضاه، وإن كان أكثر قضى ما بقي عليه من ذلك، فإن خرج من مكة وانصرف إلى الكوفة؛ فعليه دم، وحجة تام"[42].

6- إكمال سبعة أشواط: حيث قد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن تبعهم على أن الطواف سبعة أشواط، ولكن حدث خلاف بين الفقهاء: هل إكمال الأشواط السبعة شرط أم واجب، على قولين:

القول الأول: أن إكمال سبعة أشواطٍ واجب وليس بشرط؛ وهو مذهب الحنفية؛ وعلى هذا القول فإن من لم يكمل سبعة أشواط على حالتين:

الأولى: أن يكون بمكة ولم يخرج منها؛ فيلزمه الإتمام.

الثانية: أن يكون قد خرج من مكة فهذه على حالين:

- أنه لم يطف إلا ثلاثة أشواط فيلزمه العودة.

- طاف أربعة أشواط فأكثر أجزأه طوافه، ولا يلزمه العودة، وعليه دم.

القول الثاني: أن إكمال سبعة أشواط شرط لصحة الطواف؛ وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة؛ وجمهور أهل العلم. فيفسد الطواف ولو بترك شوطٍ واحدٍ، ويعود له من بلده.[43] وهو الراجح .

7- الابتداء من الحجر الأسود: واختلف الفقهاء في الابتداء من الحجر الأسود هل هو شرط لصحة الطواف؛ وعلى هذا لا يعتد بالشوط الذي طافه من ابتدأ بعد الحجر، أو أن ما طافه صحيح، وأن الابتداء من الحجر ليس شرطاً؛ فالمسألة على أقوال:

القول الأول: أن الابتداء من الحَجَر سنة، وهو المشهور من مذهب الحنفية.

القول الثاني: أن الابتداء من الحجر واجب؛ وعلى من ابتدأ من غير الحجر الإعادة أو دم؛ وهو قول في مذهب الحنفية، وهو مذهب المالكية.

القول الثالث: أن الابتداء من الحجر شرطٌ لصحة الطواف؛ وعلى هذا يجب عليه الإعادة، ولا يعتد بما طاف؛ وهو مذهب الشافعية، والحنابلة.[44]

8- الترتيب: والمراد بالترتيب هنا أن يجعل البيت عن يساره ثم يطوف، فإن نكّسه ، فلا يعتد بطوافه عند جمهور أهل العلم.

9- الموالاة: واتفق الفقهاء على أن الفاصل اليسير كأداء الصلاة لا يؤثر في الطواف، فإن أقيمت الصلاة فإنه يصلي ثم يبني. وإنما اختلفوا إذا طال الفاصل؛ فهل يعتد بما طاف أو يستأنف؛ على قولين:

القول الأول: أن الموالاة سنة؛ وهو مذهب الحنفية، وهو المشهور من مذهب الشافعية، والحنابلة.

القول الثاني:أن الموالاة شرط لصحة الطواف؛ وهو مذهب المالكية، وقول في مذهب الشافعية، وهو المشهور من مذهب الحنابلة.[45]

10- المشي على القادر: قال الماوردي: "طواف الماشي أولى وأفضل من طواف الراكب، وهذا مما لا يعرف خلاف فيه"[46]. قال في المغني: ولا خلاف في أن الطواف راجلا أفضل ؛ لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم طافوا مشيا ، والنبي صلى الله عليه وسلم في غير حجة الوداع طاف مشيا ، وفي قول أم سلمة : { شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني أشتكي ، فقال : طوفي من وراء الناس ، وأنت راكبة } .دليل على أن الطواف إنما يكون مشيا ، وإنما طاف النبي صلى الله عليه وسلم راكبا لعذر ، فإن ابن عباس روى { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناس يقولون : هذا محمد هذا محمد .حتى خرج العواتق من البيوت ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضرب الناس بين يديه ، فلما كثروا عليه ركب } .رواه مسلم .وكذلك في حديث جابر ، فإن الناس غشوه .

وروي عن ابن عباس ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف راكبا ؛ لشكاة به } .وبهذا يعتذر من منع الطواف راكبا عن طواف النبي صلى الله عليه وسلم والحديث الأول أثبت .فعلى هذا يكون كثرة الناس ، وشدة الزحام عذرا .ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد تعليم الناس مناسكهم ، فلم يتمكن منه إلا بالركوب ، والله أعلم .[47]

فإن طاف راكباً لغير عذر،

- فأشهر الروايات عن أحمد أنه لا يجزئه، قال في المغني: فأما الطواف راكبا أو محمولا لغير عذر ، فمفهوم كلام الخرقي أنه لا يجزئ . وهو إحدى الروايات عن أحمد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم { قال : الطواف بالبيت صلاة } .ولأنها عبادة تتعلق بالبيت ، فلم يجز فعلها راكبا لغير عذر ، كالصلاة .

- وعند مالك أبي حنيفة يجزئه ويجبره بدم.
وعند الشافعي يجزئه ولا شيء عليه.واختاره ابن المنذر لما روى جابر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبا ليراه الناس ويسألوه ) رواه مسلم. وحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم (طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن) رواه البخاري ومسلم .قال ابن المنذر : لا قول لأحد مع فعل النبي صلى الله عليه وسلم . ولأن الله تعالى أمر بالطواف مطلقا ، فكيفما أتى به أجزأه ، ولا يجوز تقييد المطلق بغير دليل . قال النووي: الافضل أن يطوف ماشيا ولا يركب إلا لعذر مرض أو نحوه أو كان ممن يحتاج الناس إلى ظهوره ليستفتى ويقتدى بفعله فان طاف راكبا بلا عذر جاز بلا كراهة لكنه خالف الأولى كذا قاله جمهور أصحابنا وكذا نقله الرافعي عن الأصحاب.[48]



[1] بدائع الصنائع (2/127).


[2] المغني (3/476).


[3] المجموع (8/220).


[4] الإجماع لابن المنذر (ص57).


[5] شرح النووي على مسلم (9/58).


[6] البحر الرائق (2/332)، ورد المحتار (3/538)، وبدائع الصنائع (2/314).


[7] حاشية الدسوقي (2/278)، وبداية المجتهد (277)، الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية ( 1/223 )، حاشية الصاوي ( 3/ 431 ).


[8] المغني (5/295)، والإنصاف (9/227).


[9] رواه أبو داوود (1944) وقال ابن كثير: انفرد به أبو داود وهو إسناد جيد. البداية والنهاية (5/182) وقال ابن حجر: إسناده صحيح. الدراية في تخريج أحاديث الهداية (2/24).


[10] المجموع (8/198-168).


[11] المغني (5/295).


[12] مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز (16/143).


[13] المغني في فقه الحج والعمرة . ص 171,


[14] الاستذكار لابن عبد البر ( 4/ 174 )


[15] الاستذكار ( 4 / 217 ) ، الكافي في فقه أهل المدينة ( 1/ 360 )


[16] المجموع (8/198).


[17] المغني (5/313).


[18] المجموع ( 8 / 224 )


[19] الاختيارات العلمية في مسائل الحج والعمرة (ص15).


[20] رد المحتار (3/538)، وبدائع الصنائع (2/314).


[21] مواهب الجليل (4/22).


[22] الشرح الممتع (7/341).


[23] رد المحتار (3/545).


[24] المجموع (8/197).


[25] المغني (5/338).


[26] حاشية الدسوقي (2/279).


[27] المغني (5/338).


[28] مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز (17/332).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://pontera.yoo7.com
غــــريــــب
الــمــديــر الــعــام
غــــريــــب


عدد المساهمات : 2566
نقاط : 7147
تاريخ التسجيل : 01/10/2010
الموقع : الــمــغــرب

أركان الحج أربعة Empty
مُساهمةموضوع: الركن الرابع (السعي بين الصفا والمروة)   أركان الحج أربعة Emptyالأربعاء أكتوبر 27, 2010 3:35 pm

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن من أبرز الشعائر التي تُؤدى في الحج السعي بين الصفا والمروة، إذ فيه تأكيد اللجوء إلى الله ليكشف الضر عمن قصد مسعاه، طالباً غفران الذنوب، مبتهلاً إليه بأصفى القلوب، فقد كشف الله الضر عن هاجر وولدها إسماعيل، وفجَّر لهما نبع ماء زمزم، بعد أن بلغ بهما العطش كل مبلغ، وكاد يودي بهما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل، اتخذت منطقاً لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جراباً فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقاً، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مراراً، وجعل لا يتلفت إليها.

فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟

قال: نعم.

قالت: إذن لا يضيعنا، ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات، ورفع يديه فقال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ...الآية} (إبراهيم:37)، وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً فلم تر أحداً، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى إذا جاوزت الوادي، ثم أتت المروة، فقامت عليها، ونظرت هل ترى أحداً فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فذلك سعي الناس بينهما)) رواه البخاري (3364) قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: "قول النَّبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ((فذلك سعي الناس بينهما)) فيه الإشارة الكافية إلى حكمة السعي بين الصفا والمروة، لأن هاجر سعت بينهما السعي المذكور وهي في أشد حاجة، وأعظم فاقة إلى ربها، لأن ثمرة كبدها وهو ولدها إسماعيل تنظره يتلوى من العطش في بلد لا ماء فيه ولا أنيس، وهي أيضاً في جوع وعطش في غاية الاضطرار إلى خالقها جل وعلا، وهي من شدة الكرب تصعد على هذا الجبل فإذا لم تر شيئاً جرت إلى الثاني فصعدت عليه لترى أحداً.

فأُمر الناس بالسعي بين الصفا والمروة ليشعروا بأن حاجتهم وفقرهم إلى خالقهم ورازقهم كحاجة وفقر تلك المرأة في ذلك الوقت الضيق، والكرب العظيم؛ إلى خالقها ورازقها، وليتذكروا أن من كان يطيع الله كإبراهيم عليه السلام، وعلى نبينا الصلاة والسلام؛ لا يضيعه، ولا يخيب دعاءه، وهذه حكمة بالغة ظاهرة ..."([1]).

ولذا كان للسعي بين الصفا والمروة أحكاماً بيَّنها أهل العلم في كتبهم، وسنتعرض في هذه الكلمات إلى أبرز الأحكام التي تخصُّ السعي:

حكم السعي بين الصفا والمروة:

اختلف الفقهاء في حكم السعي بين الصفا والمروة، فمنهم من قال: إنه ركن، ومنهم من قال: إنه واجب، ومنهم من قال: إنه سنة، ونذكر فيما يلي هذه الأقوال:

القول الأول: أنه ركن من أركان الحج والعمرة لا يتم واحد منهما إلا به، ولا يجبر بدم ، وهو قول جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين وقول الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد في رواية، وأبو ثور وإسحاق.وهو الذي اختاره فقهاء الحنابلة المتأخرون. ([2])

واستدلوا بأدلة كثيرة ، منها قوله تعالى ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ). وحديث عائشة رضي الله عنها قالت: " طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون ـ يعني بين الصفا والمروة ـ فكانت سنة، ولعمري ما أتم حج من لم يطف بين الصفا والمروة" رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: ( يجزئ عنك طوافك بين الصفا والمروة، عن حجك وعمرتك)، ومعناه أنها إن لم تطف بينهما لم يحصل إجزاء عن حجها وعمرتها.وحديث حبيبة بنت أبي تجراة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة، والناس بين يديه، وهو وراءهم، وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي يدور به إزاره، وهو يقول: ((اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي))([3])، قال الإمام الشوكاني رحمه الله: استدل به من قال: إن السعي فرض وهم الجمهور([4]).

القول الثاني: أنه واجب وليس بركن، ويصح الحج والعمرة بدونه، ويجب بتركه دم، وهذا قول أبي حنيفة، والثوري، ورواية عن أحمد. وقال في المغني: وهو أولى.

واحتجَّوا لقولهم إنه واجب: بأن ركن الحج هو زيارة البيت، والوقوف بعرفة، ولا دليل على أن السعي فرض حتى يعتبر ركناً من أركان الحج([5]). وأن قوله تعالى ( فلا جناح ) يستعمل مثله للإباحة، فينفي الركنية والإيجاب، إلا أننا عدلنا في الإيجاب، ولأن الركنية لا تثبت إلا بدليل مقطوع به، ولم يوجد. أما قول عائشة :" ما تم حج امرئ إلا بالسعي " فيه إشارة إلى أنه واجب وليس بفرض، لأنها وصفت الحج بدونه بالنقصان لا بالفساد.[6]

القول الثالث: أنه سنة ليس بركن ولا واجب، ولا يجب بتركه دم، وهذا قول عطاء، ورواية عن أحمد، وروي هذا القول عن ابن عباس، وأنس، وابن الزبير، وابن سيرين لقول الله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (البقرة: من الآية158)، ونفي الحرج عن فاعله دليل على عدم وجوبه، فإن هذا رتبة المباح([7]).

غير أن هذا القول مردود بحديث عائشة رضي الله عنها عن عروة بن الزبير قال: قلت لعائشة: ما أرى علي جناحاً أن لا أتطوف بين الصفا والمروة، قالت: لم؟ قلت: لأن الله عز وجل يقول: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (البقرة:من الآية158)، فقالت: لو كان كما تقول لكان فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، إنما أنزل هذا في أناس من الأنصار كانوا إذا أهلُّوا أهلُّوا لمناة في الجاهلية، فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما قدموا مع النبي صلى الله عليه وسلم للحج ذكروا ذلك له، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فلعمري ما أتمَّ الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة" رواه مسلم (1277).

والصحيح والله أعلم أن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي))، ومعلوم عند علماء الأصول أن الأمر يقتضى الوجوب إلا إذا كانت هناك قرينة صارفة إلى الندب أو الاستحباب، ولا قرينة هنا.

وقد سئل الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله: ما حكم السعي في الحج والعمرة؟

فأجاب رحمه الله: "السعي ركن من أركان الحج والعمرة لقوله عليه الصلاة والسلام: "خذوا عني مناسككم"([8])، وفعله يفسر قوله، وقد سعى في حجته وعمرته عليه الصلاة والسلام"([9]).

هل تشترط الموالاة بين الطواف والسعي؟

قالت الحنابلة: لا تجب الموالاة، وقال الإمام أحمد: "لا بأس أن يؤخر السعي حتى يستريح إلى العشي، وكان عطاء والحسن لا يريان بأساً لمن طاف بالبيت أول النهار أن يؤخر الصفا والمروة إلى العشي، وفعله القاسم وسعيد بن جبير"([10]).

وعند الشافعية: الموالاة بين الطواف والسعي سنَّة وليس واجباً، فلو فرق بينهما تفريقاً قليلاً أو كثيراً صح سعيه، ولم يتخلل بينهما الوقوف على عرفة، فإن تخلل الوقوف لم يجز أن يسعى بعده قبل طواف الإفاضة، بل يتعين السعي بعد طواف الإفاضة، وإن أخَّره عن هذا الطواف زماناً طويلاً سنة أو أكثر جاز وأجزأ ([11]).

وسئل الشيخ بن باز رحمه الله سؤالاً هذا نصه: "أحرمت بالحج مفرداً من مكان إقامتي في جدة ليلة الثامن من ذي الحجة، وطفت طواف القدوم قبل يوم التروية، ثم سعيت سعي الحج بعد صلاة فجر يوم التروية، فهل الترتيب الزمني الذي أديت فيه المناسك المذكورة صحيح؟

فأجاب رحمه الله: لا حرج في ذلك، صحيح والحمد لله، لكن لو سعيت مع الطواف مباشرة فهو أفضل، ولكن تأخيره كونك طفت في ليلة الثامن، أو في اليوم التاسع، ثم طفت في الليلة الثامنة، أو في يوم الثامن، ثم سعيت في صباح يوم التاسع، أو يوم التروية لا بأس، المقصود الفصل بين السعي وبين الطواف لا يضر، لكن كون السعي يلي الطواف هذا هو الأفضل، فإذا طاف في اليوم الثامن، أو في السابع، ثم سعى بعد ذلك في اليوم الذي بعده، أو في الليلة؛ فلا حرج في ذلك([12]).

شروط السعي بين الصفا والمروة:

1- أن يكون بعد طواف صحيح: ويشترط لجواز السعي عند الجمهور أن يكون بعد طواف صحيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا فعله، وقال: ((لتأخذوا عني مناسككم))([13])، سواء كان الطواف الذي تقدمه مسنوناً كطواف القدوم، أو فرضاً كطواف الإفاضة([14]). وفي رواية عن أحمد: يجزئه إن كان ناسياً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن التقديم والتأخير قال: ( افعل ولا حرج ).[15]

2- الترتيب بأن يبدأ بالصفا ثم المروة: ومن شروط السعي الترتيب فيه، وهو أن يبدأ بالصفا ثم المروة، فإن بدأ بالمروة لم يعتدَّ بذلك الشوط لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالصفا كما جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصفا وقال: ((نبدأ بما بدأ الله به))، ثم قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}"([16])، وبهذا قال الفقهاء من مختلف المذاهب([17]).

3- استيعاب ما بين الصفا والمروة: وهو أن يقطع جميع المسافة بين الصفا والمروة، ولا يشترط في السعي الصعود على الصفا والمروة، وإن كان ذلك مستحباً وسنَّة . فإن لم يصعد إلى الصفا والمروة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، لزمه أن يلصق رجله بالابتداء والانتهاء. ولا يترك من هذه المسافة شيئاً.([18]).

4- إكمال سبعة أشواط: يحسب الذهاب من الصفا إلى المروة مرة، والرجوع من المروة إلى الصفا مرة ثانية، وبهذا قال الجمهور.

5ـ أن يسعى في موضع السعي: فلا يسعى بمحاذاة المسعى سواء داخل المسجد أو خارجه، وإنما يسعى في موضع السعي بين الصفا والمروة.

من سنن السعي:

1- المولاة بين أشواط السعي:

وظاهر كلام الإمام أحمد أن الموالاة غير مشترطة فيه، فإنه قال في رجل كان بين الصفا والمروة فلقيه، فإذا يعرفه يقف فيسلم عليه ويسائله، وهذا مذهب الحنفية والشافعية أيضاً([19]). وفي رواية عند الحنابلة أنها من شروط صحة السعي.

2- الرمل في السعي:

وهو السرعة في المشي مع تقارب الخطى، وهو سنَّة مستحبة في سعي ما بين الميلين الأخضرين، ويكون في كل سعيه، ثم المشي في باقي المسافة حتى يتم الساعي سعيه سبعة أشواط، ولو سعى في جميع المسافة أجزأه سعيه، وفاتته الفضيلة؛ لأن الرمل ليس بواجب، ولا شيء على تركه فإن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "إن أمش فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى، وإن أسع فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى، وأنا شيخ كبير([20])" ([21]).

ولا ترمل المرأة في طواف ولا سعي([22]).

3- الطهارة من الحدث في السعي:

ولا تشترط الطهارة من الحدث لجواز السعي بين الصفا والمروة، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وغيرهم، واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسرف حضت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي قال: ((ما لك أنفست؟)) قلت: نعم، قال: ((إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت...)) رواه البخاري (5548)، ومسلم (1211)([23]). فالسعي عبادة لا تتعلق بالبيت كالوقوف بعرفة، لا تشترط له الطهارة.

4- السعي ماشياً للقادر:

وهو سنة عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة والمالكية، وواجب عند الحنفية، يجب بتركه دم. وشرط صحة في رواية عند الحنابلة والمالكية. قال في المغني: " أما السعي راكباً فيجزئه لعذر ولغير عذر، لأن المعنى الذي منع الطواف راكباً غير موجود فيه. " وقال النووي في المجموع: " ذكرنا أن مذهبنا لو سعى راكباً جاز، ولا يقال مكروه، لكنه خلاف الأولى، ولا دم عليه"

هذه أبزر الأحكام الخاصة بالسعي بين الصفا والمروة، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، والحمد الله رب العالمين.







[1] أضواء البيان (4/480-481).


[2] حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/400)، والمجموع (4/284)، والمغني (3/406). كشاف القناع (2/506).


[3] أخرجه الإمام أحمد (26821)، وحسنه الأرناؤوط. ورواه الشافعي والدار قطني والبيهقي والحاكم . وقد ضعفه النووي ، وحسن رواية صفية بنت أبي شيبة ( يا أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم ) قال الألباني في الإرواء ( 1072 ) صحيح. وانظر المغني في فقه الحج والعمرة ،( 214 ).


[4] نيل الأوطار (5/109).


[5] المبسوط (4/48)، وبدائع الصنائع (2/133).


[6] المغني في فقه الحج والعمرة ( 215 ).


[7] المغني (3/406).


[8] السنن الكبرى (9307)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (4/305)، وأصله في مسلم (1297) بلفظ: ((لتأخذوا عني مناسككم)).


[9] أسئلة وأجوبة مختارة من فتاوى الحج (1/156).


[10] المغني (3/411).


[11] المجموع (8/73).


[12] من فتاوى نور على الدرب.


[13] مسلم (1297).


[14] حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/392)، والمجموع (8/72)، وكشاف القناع (2/488).


[15] الإنصاف ( 4/44 ).


[16] أبو داود (1907)، والنسائي (2970)، وصححه الألباني.


[17] بدائع الصنائع (2/134)، والمجموع (8/70)، والمغني (3/406).


[18] المجموع (8/69)، والمغني (3/406).


[19] المغني (3/417)، والمجموع (8/73).


[20] الترمذي (864)، وأبو داود (1904)، وصححه الألباني.


[21] المغني (3/406).


[22] الأم (2/192)، والمغني (3/406).


[23] بدائع الصنائع (2/135)، ومواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل (7/485)، والمجموع (8/79)، والمغني (3/416).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://pontera.yoo7.com
 
أركان الحج أربعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مــنــتــديــات مــغــربــيــة :: المنتديات الدينية الإسلامية :: المنتدى الإسلامي العام-
انتقل الى: