العلاقة بين الحماة و الزوجة بين الزوجة و الحماة

قرأت قصة جميلة وأردت أن أعرضها لكم، والقصة حدثت فى الصين منذ وقت طويل. تزوجت فتاة وذهبت لتعيش مع زوجها ووالدته "حماتها" وبعد وقت قصير اكتشفت أنها لا تستطيع أن تتعامل مع حماتها فقد كانت شخصياتهما متباينة تمامًا، وكانت عادات كثيرة من عادات حماتها تثير غضبها علاوة على أن حماتها كانت دائمة الانتقاد لها. أيام تلت أيامًا، وأسابيع تلت أسابيع ولم تتوقف المجادلات والخناقات بينهما، ولكن ما جعل الأمور أسوأ أنه طبقًا للتقاليد الصينية القديمة، كان عليها أن تنحنى أمام حماتها وأن تلبى لها كل رغباتها وكان الغضب وعدم السعادة اللذان يملآن المنزل يسببان إجهادًا شديدًا وتعاسة للزوج المسكين. إلى أن وصل أنه لم يعد فى استطاعة الزوجة أن تتحمل أكثر من طباع حماتها السيئة ودكتاتوريتها وسيطرتها، فذهبت الزوجة لمقابلة صديق والدها مستر هوانج وكان بائعًا للأعشاب شرحت له الموقف وسألته لو كان فى إمكانه أن يمدها ببعض الأعشاب السامة حتى يمكنها أن تحل مشكلتها وإلى الأبد.. فكر مستر هوانج فى الأمر للحظات وأخيرًا قال لها، أنا سأساعدك فى حل مشكلتك، ولكن عليك أن تصغى لى وتطيعى ما سأقوله لك، أجابت الزوجه قائلة: نعم أنا سأفعل أى شىء تقوله لى، انسحب مستر هوانج للغرفة الخلفية ثم عاد بعد دقائق ومعه علبة صغيرة على شكل قطارة وقال لها: ليس فى وسعك أن تستخدمى سمًا سريع المفعول كى تتخلصى من حماتك، وإلا ثارت حولك الشكوك، ولذلك سأعطيك عدداً من الأعشاب التى ستعمل تدريجيًا وببطء فى جسمها، وعليك أن تجهزى لها كل يومين طعامًا من الدجاج أو اللحم وتضعى به قليلا من هذه القطارة فى طبقها، وحتى تكونى متأكدة أنه لن يشك فيك أحد عند موتها، عليك أن تكونى حريصة جداً.. وأن تصير تصرفاتك تجاهها صديقة ورقيقة، وألا تتشاجرى معها أبداً، وعليك أيضًا أن تطيعى كل رغباتها وأن تعامليها كما لوكانت ملكة، سعدت الزوجة بهذا وأسرعت للمنزل كى تبدأ فى تنفيذ مؤامرتها لتتمكن من اغتيال حماتها.. مضت أسابيع ثم توالت الشهور وكل يومين تعد الطعام لحماتها وتضع بعضًا من المحلول فى طبقها.. وتذكرت دائمًا ما قاله لها مستر هوانج عن تجنب الاشتباه، فتحكمت فى طباعها وأطاعت حماتها وعاملتها كما لو كانت أمها. بعد 6 شهور تغير جو البيت تمامًا، مارست الزوجة تحكمها فى طباعها بقوة وإصرار، حتى أنها وجدت نفسها غالبًا ما لا تفقد أعصابها حتى حافة الجنون كما كانت من قبل.. ولم تدخل فى جدال مع حماتها، التى بدت الآن أكثر طيبة وبدا التوافق معها أسهل.
تغير اتجاه الحماة من جهة زوجة ابنها وبدأت تحبها كما لو كانت ابنتها، واستمرت تذكر للأصدقاء والأقرباء أن زوجة ابنها هى أفضل زوجة ابن يمكن لأحد أن يجدها وأصبحت الزوجة وحماتها الآن يعاملان بعضهما كما لو كانتا بنتًا ووالدتها.. وأصبح الزوج سعيدًا بما قد حدث من تغيير فى البيت وهو يرى ويلاحظ ما يحدث وفى أحد الأيام ذهبت الزوجة مرة أخرى لصديق والدها مستر هوانج وقالت له: من فضلك ساعدنى هذه المرة فى منع السم من قتل حماتى، فقد تغيرت إلى امرأة لطيفة وأنا أحبها الآن مثل أمى، ولا أريدها أن تموت بسبب السم الذى أعطيته لها ابتسم مستر هوانج وهز رأسه وقال لها: أنا لم أعطك سمًا على الإطلاق لقد كانت العلبة التى أعطيتها لك عبارة عن القليل من الماء.. والسم الوحيد كان فى عقلك أنت وفى اتجاهاتك نحوها ولكن كل هذا قد غسل الآن بواسطة الحب الذى أصبحت تكنينه لها. هل أدركت يا أخى أنك كما تعامل الآخرين سيعاملونك هم؟ فى الصين يقولون الشخص الذى يحب الآخرين سيكون هو أيضًا محبوباً! العلاقات كالنبتة إن لم نروها باستمرار جفت وتفتتت قال الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم"ولا تَسْتَوِى الحسنَةُ ولا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ".
إن الحماة نعمة فى حياة الزوجة قبل أن تكون نقمة فلو أدركت الزوجة كيف تتعامل وتتصرف معها بأسلوب ذكى فإنها ستكسب حبها واحترامها، ولابد من حين لآخر أن يتدخل الزوج ويحاول توطيد العلاقة بين والدته وزوجته حتى تستمر الحياة بسلام وبأمان دون أى مشاكل، وإذا وقعت المشاكل فالحل ليس بيد الزوجة أو الحماة وإنما بيد الزوج، فإذا وقف بجانب زوجته خسر أمه وإذا وقف بجانب أمه خسر زوجته، والأنسب هنا اتباع الذكاء الاجتماعى وتلطيف الجو بقليل من الكلمات المعسولة للطرفين. علاقة الكنة بالحماة ليست علاقة وفاق على مر التاريخ فى الغالب إذا ما كانت الكنة طيبة تكون الحماة شريرة والعكس صحيح هكذا صراعات غالبًا ما انتهت إلى الطلاق لأن كثيرًا من الرجال يتعب من هذا الصراع، فهو لقلة خبرته ووعيه لا يستطيع الإمساك بزمام الأمور فيهرب بالتخلص من الزوجة وطلاقها.
علاقة الزوجة بحماتها هى من أكثر العلاقات الإنسانية التى أسىء فهمها بل إنها حوربت من خلال الأمثال وحتى الطرائف فلا تكاد الحماة تذكر سواء فى الأفلام أو المسلسلات حتى تذكر معها المؤامرات والمقالب والمكائد والحسد بل وحتى السحر والشعوذة كنتيجة طبيعية لتلك الصورة المشوهة التى تقدمها وسائل الإعلام المختلفة. وأظن أن الميديا العربية من صحافة وإذاعة وتلفزيون وسينما أو حتى فى الإنترنت تغذى هذا وتهتم به اهتماماً منقطع النظير لدرجة أننى لا أبالغ إن قلت بأن معظم المسلسلات العربية تدور فى فلكه، ومن أشهر أفلام السينما المصرية التى قدمت الحماة الشريرة وعلاقتها بزوجة الابن فيلم "الحموات الفاتنات" قامت بدور الحماة الشريرة فيه الفنانة مارى منيب بإبداع. لكن السؤال الذى أعتقد أن علينا جميعاً طرحه هو: هل هذه الأشكال التى تظهر بالميديا العربية تمثل حالات موجودة بالفعل فى واقعنا العربى أم أنها مجرد مواد للإثارة وتحفيز الجلوس أمام شاشات الفضائيات وهلم جرا؟
الحماة أو كما يقال عنها "العمة" كلمة أُسىء فهمها فى معظم المجتمعات.. وظلت هذه الحماة المسكينة أسيرة سوء الفهم، نسمع يوميا أمثالاً وقصصاً تشوه مكانتها فى الأسرة، فمهما فعلت هذه الحماة وقدمت من جميل تظل فى نظر الناس وبالأخص زوجة الابن الإنسانة المتسلطة وصاحبة المؤامرات والمشاكل. لقد تناست معظم الزوجات أن هذه الإنسانة قبل أن تكون حماة فهى أم وستدور الأيام وتمر السنوات وستكون هذه الزوجة فى مكانها وتعانى كما عانت حماتها. وفى مجمع الأمثال للميدانى "إنَّ الحمَاةَ أُولِعَتْ بالْكَنَّهْ.. وَأُولِعَتْ كَنَّتُهَا بالظِّنَّهْ" وفى الأمثال الشعبية: مثل "لا بد يا كنة تصيرى حماة" تذكرى أيتها الحماة أنك كنت فى يوم من الأيام زوجة ابن، ولك حماة، وفكرى فى شعورك نحو زوجك ونحو حماتك، وأنك كنت تكرهينها إن حاولت خطف قلب زوجك، فخففى من حدة الحكم على زوجة ابنك، وتحملى تصرفاتها. واعلمى أيتها الزوجة أنك ستصيرين بعد فترة من الزمن أُمًا لولد سيكون زوجًا، وستكونين حماة، ففكرى كيف تتصرفين وكيف يكون موقفك من قلب ابنك وقلب زوجته، فلينظر كل منكما إلى هذه الأوضاع حتى تقترب مشاعركما، وحتى تمكنا ذلك الرجل المسكين من السير فى طريقه الوعر الطويل. المطلع على سجلات المحاكم الشرعية من زواج وطلاق يجد أن معظم حالات الطلاق تقع بسبب الخلافات الزوجية التى منشؤها الخلاف بين الحماة وكنتها، مما ينعكس سلباً على الزوج ثم على الأسرة بأسرها.
بعض علماء النفس يرون أن: كره الحماة لزوجة الابن بسبب الغيرة، فالمرأة عادة تغار فتشعر أن زوجة ابنها قد شاركتها فى ملكيته أو انتزعت منها اختصاصها فى السيطرة على ابنها، فيحدث تنافس بينها وبين زوجة الابن، خصوصاً أن الحماة تعتبر ابنها راعى أسرتها وقد يكون المسؤول عنها مادياً، وقد يأخذ دور الأب فيمثل حماية لها وتشعر بأنها تفقد كل هذا. لكن الحماة الناضجة السوية المتزنة عقلياً ونفسياً تستطيع أن تسمو بمشاعرها وتحولها إلى مشاعر إيجابية سواءً مع زوجة الابن أو زوج الابنة .

يسلموااااااااااااااااا موضوع رائع